ذِكْرُ اللهِ تَعالى" قال الحاكم أبو عبد الله في كتابه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(ذكرُ الله) الشامل للقرآن وهو أفضل اللسان بلا خلاف وتقدم ما في فضله على عمل البدن وأفضل أنواعه القرآن ففي الخبر وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على سائر خلقه ففيه إيماء إلى إن ذكره بكلامه القديم خير منه بالذكر الحادث وأيضاً فالقرآن مشتمل على الذكر مع زيادة ما يقتضيه من الفكر والتأمل في لطف مبانيه وحسن معانيه والعمل بما فيه ولا شك أنه أفضل من مجرد الذكر، نعم محل ذلك ما لم يرد من الشارع تخصيص لحال أو مكان أو زمان بذكر مخصوص وإلَّا فالاشتغال به فيه أفضل منه بالقرآن اتباعًا للمأثور وفي الحرز جاء في كثير من الأحاديث ما يدل على أن تعلم العلم وتعليمه أفضل من الذكر المجرد بل من سائر الطاعات والعبادات اهـ، وكلام أصحابنا مقتض لذلك قال إمامنا الشافعي الاشتغال بالعلم أفضل من الاشتغال بصلاة النافلة وإذا فضل عليها وهي أفضل الأعمال البدنية فغيرها من نوافل الأذكار أولى والله أعلم. قوله: (قال الحاكم أبو عبد الله) هو محمد بن عبد الله النيسابوري المعروف بابن البيع ولد بنيسابور في شهر ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة وتوفي بها في يوم الأربعاء ثالث صفر سنة خمس وأربعمائة طلب العلم من الصغر باعتناء والده وخاله وأول سماعه سنة ثلاثين، وأكثر من الشيوخ أكثرهم من نيسابور وله فيها نحو ألف شيخ وفي غيرها نحو ألف شيخ أيضاً روى عنه خلق كثير من أجلهم البيهقي والدارقطني وهو من شيوخه ورحل إليه من البلاد لسعة علمه وروايته واتفاق العلماء على أنه من أعلام الأمة الذين حفظ الله بهم هذا الدين وحدث عنه في حياته وكان يرجع إلى قوله حفاظ عصره كأبي بكر بن إسحاق وأبي الوليد النيسابوري وكان أبو سهل الصعلوكي وابن فورك وأمثالهما يقدمونه على أنفسهم ويراعون حق فضله ويعرفون له الحرمة الأكيدة بسبب تفرده بحفظه ومعرفته