. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

ظاهر الحديث بل ظاهره أنه يصورها ويخلق هذه الأجزاء كلها وقد يكون ذلك بتصويره وتقسيمه قبل وجود اللحم والعظام وقد يكون هذا في بعض الأجنة دون بعض وسبق في تفسير الجمع رواية تقتضي أن التصوير يكون يوم السابع وهو مذهب الأطباء، وظاهر الحديث أن نفخ الروح عقب الأربعين الثالثة وصح في حديث آخر أنه بعد اثنين وأربعين يوماً وجمع بينهما باختلاف الأجنة فينفخ في بعضها بعد اثنين وأربعين وفي بعضها بعد مائة وأربعين قال ابن العز وفيه نظر لا يخفى إذ لفظ أحد شائع في المخاطبين والمراد جنسهم فمن أين هذا التخصيص ببعض دون بعض اهـ، وظاهر جريانه في الجمع الثالث المذكور قبله ولك أن تقول ضرورة الجمع بين الأخبار دليل للتخصيص المذكور وإن أحدكم في الخبر غير باق على عمومه والله أعلم، ومعنى نفخ الملك الروح في الصورة أنه سبب لخلق الحياة عنده لأنه عرفا إخراج ريح من النافخ تتصل بالمنفوخ فيه وهذا غير مؤثر شيئاً وما يحدث عنده ليس به بل بإحداث الله تعالى فهو معرف عادي لا موجب عقلي وكذا القول في سائر الأسباب المعتادة ونسبة التخليق والتصوير إلى الملك مجازية لأنه آلة فيهما بإقدار الله تعالى بالأفعال قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ} والإيجاد على هذا الترتيب العجيب مع قدرته تعالى على إيجاده كاملاً كسائر المخلوقات في أسرع من لحظة قال تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} وهذا كناية عن مزيد السرعة وإلا فلا قول لأنه بمجرد تعلق الإرادة به يوجد في أقل من زمن كن لو تصور يمكن أن تكون حكمته ما قيل به في خلق السموات والأرض وما بينهما وما فيهما في ستة أيام من تعليمه لعباده التأني في الأمور أو يقال حكمة ذلك أنه لو خلق دفعة لشق على الأم لأنها لم تكن معتادة لذلك وربما تظن علة فجعلت أولاً نطفة لتعتاد بها مدة ثم علقة وهكذا إلى آخر الولادة أو يقال حكمته إشعار النّاس إلى كمال قدرة الله على الحشر والنشر لأن من قدر على خلق الإنسان من نطفة ثم علقة ثم مضغة قادر على صيرورته ونفخ الروح فيه وحشره للحشر للحساب والجزاء أو يقال حكمة ذلك هنا إعلام

الإنسان بأن حصول الكمال المعنوي له إنما يكون بطريق التدريج نظير حصول الكمال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015