. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

الله برحمته والجسد والبدن والمضغة قطعة من اللحم وصلح بفتح اللام وضمها والفتح أشهر كذا أطلقه كثير وظاهره أنه لا فرق بين أن يصير سجية وإن لا، لكن قيد جمع الضم بما إذا صار سجية وكذا يقال في فسد وصلاحها بصلاح المعنى القائم بها الذي هو ملحظ التكليف ومن ثم كان الذي عليه الجمهور أن العقل في القلب كما يصرح به ترتب صلاح البدن ومن جملته الدماغ وفساده على صلاح القلب وفساده وقد عبر بالقلب عن العقل من تسمية الحال باسم المحل ومنه {إِنَّ في ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ} ووجه ترتب صلاح البدن على صلاحه وضده أنه مبدأ الحركات البدنية والإرادات النفسانية فإن صدرت عنه إرادة صالحة تحرك البدن حركة صالحة وإن صدرت عنه إرادة فاسدة تحرك البدن حركة فاسدة وصلاح القلب سلامته من الأمراض الباطنة كالشح والحرص والكبر والحسد والغل والرياء والطمع والكفر وفساده بعروض تلك الأمراض له وتمكنها فيه حتى تصير له سجية، وبالجملة القلب كالملك والأعضاء كالرعية ولا شك أن الرعية تصلح بصلاح ملكها ومن ثم قيل النّاس على دين ملوكهم وأفاد بعض علماء الباطن كما

تقدم أن صلاح القلب في خمسة أشياء قراءة القرآن بالتدبر وخلو الباطن وقيام الليل والتضرع عند السحر ومجالسة الصالحين ولا بد مع ذلك من أكل الحلال بل هو رأس هذه الأمور والأصل توفيق الله سبحانه الذي هو كما تقدم أول الكتاب خلق قدرة الطاعة وسيأتي له مزيد وقيل القلب كعين والبدن كمزرعة فإن عذب ماؤها عذب الزرع وإن ملح ملح وقيل هو كأرض والأعضاء كنبات والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكداً، والحاصل أن القلب محل الاعتقادات والعلوم والأفعال الاختيارية فلكونه محلاً لهذه الخصوصية الإلهية التي يدرك بها الكليات والجزئيات ويفرق بها بين الواجب والجائز والمستحيل امتاز به الإنسان عن بقية الحيوان لأنه وإن وجد لها شكله وقام بها ما تدرك به مصالحها ومنافعها وتميز به بين مفاسدها ومضارها إلا أن هذا إدراك جزئي طبيعي وشتان ما بينه وبين الإدراك الكلي العملي الاختياري ولهذا المعنى امتاز أيضاً عن بقية الأعضاء بكونه أشرفها ومن ثم كانت مسخرة مطيعة له فما استقر فيه ظهر عليها وعملت به إن خيراً فخير وإن شراً فشر فكان صلاحها بصلاحه وفسادها بفساده قال بعض أئمة التحقيق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015