كقوله -صلى الله عليه وسلم-: "الآيَتانِ مِنْ آخِرِ سورَةِ البَقَرَةِ مَنْ قَرَأهُما في لَيلَةٍ كَفَتَاه" وهذا الحديث في "الصحيحين" وأشباهه كثيرة لا تنحصر.
فصل: ومن ذلك ما جاء عن مطرِّف رحمه الله أنه كره أن يقول: إن الله تعالى يقول في
كتابه، قال: وإنما يقال: إن الله تعالى قال، كأنه كره ذلك لكونه لفظاً مضارعاً، ومقتضاه الحال أو الاستقبال، وقول الله تعالى هو كلامه، وهو قديم.
قلت: وهذا ليس بمقبول، وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة استعمال ذلك من جهات كثيرة، وقد نبَّهت على ذلك في "شرح صحيح مسلم" وفي كتاب "آداب القراء" قال الله تعالى: {وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} [الأحزاب: 4].
وفي "صحيح مسلم" عن أبي ذرّ قال: قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] ".
وفي "صحيح البخاري"
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حديثاً وقد تقدم ثمة بيان جملة منها قال وأما عن الصحابة ومن بعدهم فكثير جداً اهـ. قوله: (كقوله -صلى الله عليه وسلم-) تقدم الكلام على الحديث سنداً ومتناً في أذكار المساء والصباح.
قوله: (ما جاء عن مطرف) بضم الميم وفتح الطاء وكسر الراء المهملتين وهو ابن عبد الله بن الشخير التابعي المشهور.
قوله: (وهذا ليس بمقبول) قال في التبيان هذا الذي أنكره مطرف خلاف ما جاء به القرآن والسنة ونقلته الصحابة ومن بعدهم اهـ. وما استدل به من أن المضارع الخ يجاب عنه أن هذا أصل وضعه وحقيقته وقد يراد به الاستمرار نحو فلان يقري الضيف أي مستمر على ذلك ومنه ما نحن فيه إذ قوله تعالى كلامه القديم الذي لا يحد بزمن ولا يحد بحرف ولا صوت. قوله: (وفي صحيح مسلم الخ) رواه عن أبي كرب عن أبي معاوية عن الأعمش عن المعرور بن سويد عن أبي ذر وقد رواه عن الأعمش وكيع كما عند مسلم ورواه أحمد والحاكم من حديث همام عن عاصم ومن حديث منصور عن ربعي كلاهما عن المعرور به نحوه ذكره السخاوي. قوله: (وفي صحيح البخاري) وكذا