ذلك قولهم: الله معي، الله شاهدي، الله ناظر إلي.
وعن الحسن البصري رحمه الله أن رجلاً قال له: إنك تغتابني، فقال: ما بلغ قدرُك عندي أن أحكِّمْك في حسناتي.
وروينا عن ابن المبارك رحمه الله قال: لو كنت مغتاباً أحداً لاغتبت والديَّ لأنهما أحق بحسناتي.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أي النصوص المحرمة للغيبة من الكتاب والسنة إما بالخصوص لها أو بالعموم لها ولغيرها. قوله: (قولهم الله معي الخ) في ترجمة سهل بن عبد الله التستري من الرسالة القشيرية بسنده إلى سهل قال: قال لي خالي محمد بن سواد يوماً وكان عمري إذ ذاك ثلاث سنين ألا تذكر الله الذي خلقك فقلت: كيف أذكره قال: قل بقلبك عند تقلبك في ثيابك ثلاث مرات من غير أن تحرك لسانك: الله معي الله ناظر إلي الله شاهدي فقلت ذلك ليالي ثم أعلمته قال: قل في كل ليلة سبع مرات فقلت ذلك ثم أعلمته قال: قل في كل ليلة إحدى عشرة مرة فقلت فوقع في قلبي حلاوة فلما كان بعد سنة قال لي خالي: احفظ ما علمتك ودم عليه إلى أن تدخل القبر فإنه ينفعك في الدنيا والآخرة فلم أزل على ذلك سنين فوجدت لها حلاوة في سري ثم قال لي خالي يوماً أي منبهاً على فائدة تلك الكلمات وترقياً من المبني إلى المعنى يا سهل من كان الله معه وهو ناظر إليه وشاهده أيعصيه -أي وجوابه لا فإن من استشعر من الله ذلك لم يعصه- إياك والمعصية وساق بقية القصة فقوله: إياك والمعصية وتنبيهه على سبب تركها والمعصية شاملة لأنواع العصيان باللسان أو الجنان أو الأركان. قوله: (وعن الحسن البصري الخ) فيه تنبيه على أن الغيبة لا تصدر من كاملي العقول لما فيها من تحكيم الخصم في حسنات الإنسان وفي الرسالة قيل للحسن البصري إن فلاناً اغتابك فبعث إليه طبق حلوى وقال: بلغني أنك أهديت إلي حسناتك فكافأتك قال الشيخ زكريا هذا من أحسن التأديب والإرشاد إلى ترك الغيبة فإنه نبهه بذلك على أنه أهدى إليه أحسن ما عنده مما ينفع في الآخرة فكافأه على ذلك من طيبات الدنيا وهي الحلوى. قوله: (وروينا عن ابن المبارك الخ) وإنما كان والده أحق بحسناته لانتفاعهما به وفيه الزجر عن الغيبة وأنها تضر في الدنيا والآخرة وتحكم المغتاب في حسنات من اغتابه.