منه على الإشارة إلى أحرف، فمن كان موفقاً انزجر بها، ومن لم يكن كذلك فلا ينزجر بمجلدات.
وعمدة الباب أن يعرِض على نفسه ما ذكرناه من النصوص في تحريم الغيبة، ثم يفكر في قول الله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18]، وقوله تعالى: {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور: 15].
وما ذكرناه من الحديث الصحيح "إنّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ الله تَعالى ما يُلْقِيَ لَها بالاً يَهْوِي بِهَا في جَهَنَّمَ" وغير ذلك مما قدمناه في "باب حفظ اللسان" و"باب الغيبة"، ويضمّ إلى ذلك
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فيك لاستخفافك بنهجه وجرأتك على وعيده وفي الحديث إن في جهنم باباً لا يدخله إلا من شفى غيظه بمعصية الله تعالى، وفي الموافقة أنك إذا أرضيت المخاليق بغضب الله عاجلك بعقوبته إذ لا أغير من الله، وفي الحسد أنك جمعت بين خسارتي الدنيا بحسدك له على نعمته وكونك معذباً بالجسد والآخرة لأنك نصرته بإهداء حسناتك إليه أو طرح سيئاته عليك فصرت صديقه وعدو نفسك فجمعت إلى خبث حسدك جهل حماقتك، وفي الاستهزاء أنك إذا أخزيت غيرك عند النّاس فقد أخزيت نفسك عند الله وشتان ما بينهما اهـ. قوله: (فمن كان موفقاً) بأن أراد الله به الخير في المال (انزجر) لحلول باعث الانزجار في قلبه بمشيئة الله ومعونته قال تعالى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ}. قوله: (ومن لم يكن كذلك) أي موفقاً (فلا ينزجر) وإن أوضحت له الزواجر واتضحت عنده الآيات والدلائل قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} وقال الأستاذ أبو الحسن الشاذلي العلوم في الصدور كالدراهم في الأيدي إن شاء نفعك بها وإن شاء منعك نفعها وقال الشاعر:
لا تنتهي الأنفس عن غيها ... ما لم يكن منها لها زاجر
قوله: (من النصوص) أي القرآن والسنة سواء كان نصاً فيها نحو ولا يغتب بعضكم بعض ونحوه أو بطريق العموم لها نحو ما يلفظ من قول: إلا لديه رقيب عتيد وقد تقدم الكلام على ما يتعلق بالآية في أول كتاب حفظ اللسان. قوله: (وتحسبونه هيناً) أي ذنباً صغيراً (وهو عند الله عظيم) أي من الكبائر. قوله: (ويضم إلى ذلك)