القَلْبُ القَاسِي".

وروينا فيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ وَقاهُ اللهُ شَرَّ ما بَين لَحْيَيهِ، وشرَّ ما بَيْنَ

ـــــــــــــــــــــــــــــ

أي من رحمته ورضاه وشهوده رؤياه. قوله: (القلب القاسي) أي صاحبه لأنه عري من خوف الله تعالى ورجائه ومحبته وامتلأ بمحبة الأغيار واستأنس بمحادثة الأشرار وعبر بالقلب عن الشخص لأنه أشرف ما فيه فيكون مجازاً مرسلاً أو إنه على تقدير المضاف فيكون من مجاز الحذف.

قوله: (وروينا فيه الخ) قال في الجامع الصغير وأخرجه ابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك كلهم من حديث أبي هريرة وفي تقدم الكلام على حديث البخاري من يضمن لي ما بين لحييه الخ، من حديث عمار بن ياسر أخرجه مالك في الموطأ وهو شاهد لهذا الحديث أيضاً وفي الترغيب للمنذري أخرجه ابن أبي الدنيا إلا أنه قال: من حفظ ما بين لحييه وأحاديث أخر في الباب تقدمت ثمة. قوله: (من وقاه الله شر ما بين لحييه الخ) قال ابن عبد البر معلوم أنه أراد بقوله ما بين لحييه اللسان وما بين رجليه الفرج قال وفي الحديث من الفقه أن الكبائر أكثر ما تكون والله أعلم من الفرج والفم وفي وجدنا الكفر وشرب الخمر وأكل الربا وقذف المحصنات وأكل أموال النّاس ظلماً من الفم واللسان ووجدنا الزنى من الفرج وأحسب أن المراد من الحديث أن من اتقى لسانه وما يأتي منه من القذف والغيبة والسب كان أحرى أن يتقي القتل ومن اتقى أكل الربا لم يعمل به لأن البغية من العمل به التصرف في أكله فهذا وجه في تخصيص الجارحتين في الحديث وضمان الجنة لمن وقي شرهما ويحتمل أن ذلك خطاب منه -صلى الله عليه وسلم- لقوم بأعيانهم اتقى عليهم من اللسان والفرج ما لم يتق عليهم من سائر الجوارح ويحتمل أيضاً أن يكون قبل قوله ذلك كلام لم يسمعه الناقل كأنه قال من عافاه الله وقاه كذا وكذا وشر ما بين لحييه ورجليه دخل الجنة فسمع الناقل بعض الحديث ولم يسمع بعضه فنقل ما سمع وإنما احتجنا إلى هذه الاحتمالات لإجماع الأمة أن من أحصن فرجه عن الزنى ومنع لسانه من كل سوء ولم يتق ما سوى ذلك

من القتل والظلم أنه لا تضمن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015