ما أخوف ما يخاف علي، فأخذ بلسان نفسه ثم قال: "هَذا" قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عقداً وقولاً وفعلاً وداوموا على ذلك إلى أن توفاهم عليه ويؤيد ذلك قول الصديق رضي الله عنه لم يشركوا بالله شيئاً ولم يلتفتوا إلى إله غيره واستقاموا على أن الله ربهم وقول عمر رضي الله عنه استقاموا والله على طاعته ولم يروغوا روغان الثعلب وكذا قال آخرون والمراد بذلك كله الاستقامة على التوحيد الكامل وهو مستلزم للتحقيق بجميع ما قلناه أولاً ويؤيده أنه جاء عن الصديق أنه فسرها أيضاً بأنهم لم يلتفتوا إلى غير الاستقامة ونهايتها والاستقامة هي الدرجة القصوى التي بها كمال المعارف والأحوال وصفاء القلوب في الأعمال وتنزيه العقائد عن سفاسف البدع والضلال.
ومن ثم قال الأستاذ أبو القاسم القشيري من لم يكن مستقيماً في أحواله ضاع سعيه وخاب جده ونقل أنه لا يطيقها إلا الأكابر لأنها الخروج عن المألوفات ومفارقة الرسوم والعادات والقيام بين يدي الله تعالى على حقيقة الصدق ولعزتها أخبر -صلى الله عليه وسلم- أن لن يطيقوها بقوله عند أحمد استقيموا ولن تطيقوا وقد جمع -صلى الله عليه وسلم- لهذا السائل في هاتين الكلمتين جميع معاني الإيمان والإسلام اعتقاداً وقولاً وعملاً كما أشرنا إلى ذلك في تقرير معناهما وحاصله أن الإسلام توحيد وطاعة فالتوحيد حاصل بالجملة الأولى والطاعة بجميع أنواعها في ضمن الجملة الثانية إذ الاستقامة امتثال كل مأمور واجتناب كل منهي ومن ثم قال ابن عباس في قوله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} ما أنزل على النبي -صلى الله عليه وسلم- في جميع القرآن آية كانت أشد ولا أشق عليه من هذه الآية ولذا قال -صلى الله عليه وسلم-: "شيبتني هود وأخواتها" وأخرج ابن أبي حاتم لما نزلت هذه الآية شمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فما رأى ضاحكاً. قوله: (ما أخوف ما يخاف علي) ما الأولى استفهامية مبتدأ خبره خوف وهو اسم تفضيل بني للمفعول نحو أشهر وألوم وما الثانية موصولة فهي مضاف إليه والعائد محذوف على طريقة جد جده فالمضاف إليه المصدر المنسبك من الموصول وصلته والباء في قوله: بلسانه زائدة في المفعول وقوله: هذا مبتدأ أو خبر والمعنى هذا أكثر خوفي عليك منه وأسند الخوف إلى اللسان لأنه زمام الإنسان فإنه إذا أطلق لزم منه ما لا يرضى صاحبه شاء