العَبْدَ يَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ ما يَتَبَينُ فيهَا يَزِلُّ بهَا إلى النَّارِ أبْعَد مِمَا بَينَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ" وفي رواية البخاري "أبْعَدُ مِمَّا بَينَ المَشْرِقِ" من غير ذكر "المغرب"، ومعنى يتبين: يتفكر في أنها خير أم لا.
وروينا في "صحيح البخاري" عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ الله تَعالى ما يُلْقِي لَهَا بالاً، يَرْفَعُ اللهُ تَعالى بِها دَرَجَاتٍ، وإنَّ العَبْدَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والمغرب رواه أحمد والشيخان اهـ، وظاهره أن لفظ والمغرب من زيادات مسلم وحينئذٍ فما في تلك النسخة من غلط الكاتب. قوله: (يزل) بفتح أوله وكسر الزاي أي يسقط. وقوله: (أبعد)
صفة مصدر محذوف أي هو يا بعيد المبدأ والمنتهى جداً وفي نسخة صحيحة من الأذكار ينزل بزيادة نون. قوله: (وفي رواية البخاري الغ) وعليه قال في المشرق للجنس أي بين محلي الشروق إذ مشرق الصيف غير مشرق الشتاء أو المراد من رواية البخاري ما جاء في رواية مسلم والمغرب واكتفى بأحدهما عن الآخر كما في قوله تعالى: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} أشار إليه الشيخ زكريا في التحفة. قوله: (ومعنى ما يتبين الخ) أي لا يتطلب معنى تلك الكلمة ولا يتأمله ويتفكر فيه أخير هو فيأتي به أم لا فيدعه.
قوله: (وروينا في صحيح البخاري) ورواه أحمد من حديث أبي هريرة أيضاً كما في الجامع الصغير قلت: ورواه في الموطأ وقال إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يلقي لها بالاً يرفعه الله بها في الجنة وفي الجامع الصغير من حديث أبي هريرة مرفوعاً إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأساً يهوي بها سبعين خريفاً في النار رواه الترمذي وابن ماجه والحاكم في المستدرك قلت: وقال صحيح على شرط مسلم ورواه البيهقي بنحو حديث الباب وزاد البيهقي وإن الرجل ليزل على لسانه أشد مما يزل على غيره. قوله: (من رضوان الله) أي مما يرضاه الله بضم الراء أفصح من كسرها ومن بيانية حال من الكلمة وكذا (لا يلقي لها بالاً) أي لا يعرف لها قدراً ويظنها هينة قليلة الاعتبار وهي عند الله عظيمة المقدار. قوله: (يرفع الله) جملة مستأنفة