الله، أيُّ المسلمين أفضل؟ قال: "مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسانِهِ وَيَدِهِ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
اهـ. قوله: (من لسلم المسلمون) أي الشامل للمسلمات كما في النصوص إلا لدليل والتقييد بالمسلمين لكونه خرج مخرج الغالب لا مفهوم له فأهل الذمة مثلهم على إنه جاء في رواية ابن حبان المسلم من لسلم النّاس الخ، وهم الإنس بل والجن كما في العباب والقاموس فيؤخذ منه إن الخير والأفضل من ترك إيذاء الجن بقول: وكذا فعل إن تصور، وزعم بعض إن المراد بالناس فيها المسلمون ليس في محله. قوله: (من لسانه ويده) أي من أذى لسانه وعبر به دون القول ليشمل إخراجه استهزاء بغيره وقدم لأن الإيذاء به أكثر وأسهل ولأنه أشد نكاية ومن ثم قال -صلى الله عليه وسلم- لحسان: "اهج المشركين" فإنه أشق عليهم من رشق النبل ولأن الإيذاء به أعم لأنه يتعدى إلى الماضين والحاضرين وإن شاركه في هذا الإيذاء باليد بالكتابة وقوله: ويده أي ومن أذى يده أي سائر جوارحه فهي كناية عن سائر الجوارح لأن سلطنة الأفعال إنما تظهر بها إذ بها البطش والقطع والوصل والأخذ والمنع ومن ثم غلبت فقيل في كل عمل مما عملت أيديهم وإن لم يكن وقوعه بها ولا يدخل في الحديث طلب الإيذاء على وجه الحد والتعزير والدفع لنحو الصائل لأن ذلك استصلاح السلامة والمراد من كون الخير والأفضل من سلم المسلمون الخ، إذا جمع إلى ذلك باقي أركان الإسلام فجمع بين أداء حق الله تعالى بأن أتى بأركان الإسلام وأداء حق المسلمين بأن كف عنهم أذاه وكأن التقدير خير المسلمين من أسلم وجهه الله ورضي بقضائه فلم يتعرض لأحد بنوع من أذى ولا سيما
إخوانه المسلمين وجماع ذلك حسن التخلق مع العالم وقد فسر الحسن البصري الأبرار بأنهم الذين لا يؤذون الذر ولا يرضون الشر فكنى بالذر عن كل حيوان فلم يصل منه لشيء من الحيوانات شيء من الأذى فهذا أمر معروف من العارفين إذ هم المتخلفون بكمال الرحمة للعالم وفيه إشارة إلى حسن المعاملة مع الحق لأنه إذا أحسن معاملة أقرانه كان محسناً لمعاملة مولاه بالأولى كذا قيل، وتعقب بأن المفهوم من الإشارة ما دل عليه اللفظ لا بطريق القصد وهذا ليس كذلك وأجيب بأنه ليس المراد بالإشارة هنا نظير قولهم أشار قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} إلى صحة صوم