وروينا في "صحيح مسلم" عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن البدنة إذا أزحفت فقال: على الخبير سقطتَ -يعني نفسه .... وذكر تمام الحديث.
ونظائر هذا كثيرة لا تنحصر، وكلها محمولة على ما ذكرنا، وبالله التوفيق.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الحديث أنهم لم ينكروا دعوى ابن مسعود المذكورة عليه أي أنه أعلمهم أي بكتاب الله كما صرح به فلا يلزم منه أن يكون أعلم من أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم بالسنة ولا يلزم من ذلك أيضاً أن يكون أفضل منهم عند الله فقد يكون واحد أعلم بباب آخر من العلم أو بنوع والآخر أعلم من حيث الجملة وقد يكون واحد أعلم من آخر وذلك أفضل عند الله تعالى بزيادة تقواه وخشيته وورعه وزهده وطهارة قلبه وغير ذلك ولا شك أن الخلفاء الراشدين كل منهم أفضل من ابن مسعود اهـ. قوله: (وروينا في صحيح مسلم) والحديث عند أبي داود وليس فيه قوله على الخبير سقطت. قوله: (إذا أزحفت) أي أعيت ووقفت ويقال: أزحف البعير أي بالزاي والحاء المهملة والفاء فهو مزحف إذا وقف من الأعياء وأزحف الرجل إذا أعيت دابته كأن أمره أفضى إلى الزحف قال الخطابي صوابه أزحفت عليه غير مسمى الفاعل يقال: زحف البعير إذا قام من الأعياء وأزحفه السفر وزحف الرجل إذا انسحب على استه كذا في النهاية. قوله: (فقال على الخبير سقطت) قال المصنف معناه هنا صادفت خبيراً بحقيقة ما سألت عنه عالماً بخفيه وجليه حاذقاً فيه وقال الأبي في شرحه لصحيح مسلم قوله على الخبير هو مثل قال أبو عبيدة أصله لمالك بن جبير العائدي أحد حكماء العرب وقد تمثل به الفرزدق لما سأله الحسين عن أهل الكوفة: فقال على الخبير سقطت ألسنتهم معك وأيديهم مع غيرك وأمر الله ينزل من السماء فقال الحسين: لقد صدقتني اهـ. وقصد ابن عباس بهذا الكلام ترغيب السامع وتحريضه على حفظ ما يلقيه إليه في جواب مسألته فإنه عارف بحقيقتها حاذق فيها والله أعلم.