وروينا في "سنن أبي داود والترمذي" عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أكَلَ أحَدُكمْ فَلْيَذْكُرِ اسمَ الله تَعالى في أوَّلِه،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقيل وجوبًا لما في غيره من الشره ولحوق الضرر بالغير وانتصر له السبكي وعليه نص الشافعي في الرسالة ومواضع من الأم قال الحافظ ويدل على الوجوب ورود الوعيد في الأكل بالشمال في صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يأكل بشماله، فقال: كل بيمينك، فقال: لا أستطيع
فقال: لا استطعت، فما رفعها إلي فيه بعد لما لم يكن في ترك الأكل باليمين عذر بل قصد المخالفة دعا عليه فشلت يده والأكل باليمين لأنها أقوى غالبًا وأسبق للأعمال وأمكن في الاشتغال ثم هي مشتقة من اليمن وهو البركة وقد شرف الله تعالى أهل الجنة بنسبتهم إليها كما ذم أهل النار بنسبتهم إلى الشمال فاليمين وما نسب إليها وما اشتق منها محمود ممدوح لسانًا وشرعًا ودنيا وآخرة والشمال على النقيض حتى قال:
ابن لي، في يمنى يديك جعلتني ... فأفرح أم صيرتني في شمالكا
وإذا كان كذلك فمن الآداب المناسبة بمكارم الأخلاق والسيرة المرضية عند الفضلاء اختصاص اليمين بالأعمال الشريفة والأحوال النظيفة وإن احتيج في شيء منها إلى الاستعانة بالشمال تكون بحكم التبعية وأما إزالة الأقدار ومباشرة الأمور الخسيسة فبالشمال وسبق لهذا المقام بسط في باب كيفية لباس الثوب والنعل وخلعهما أوائل الكتاب والله أعلم بالصواب.
قوله: (وروينا في سنن أبي داود والترمذي الخ) هو من جملة حديث خرجه الحافظ من طريق الدارمي ولفظه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يأكل طعامًا في ستة نفر من أصحابه فجاء أعرابي فأكله بلقمتين فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أما إنه لو ذكر الله لكفاكم فإذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى فإن نسي أن يذكر اسم الله تعالى فليقل باسم الله أوله وآخره حديث حسن أخرجه أحمد وابن ماجه ورجاله ثقات لكن عبد الله بن عبيد أي الراوي عن عائشة لم يسمع منها كما بينه في تذهيب التهذيب، قال: وقد جاء من طريق آخر بزيادة راو بينهما فأسنده إلى عبد الله قال عن امرأة منهم يقال لها: أم كلثوم عن عائشة رضي الله عنها فذكر