وإن كان راعيًا تعلَّم ما يحتاج إليه مما قدمناه في حق غيره ممن يعتزل النّاس، وتعلَّم ما يحتاج إليه من الرفق بالدواب وطلب النصيحة لها ولأهلها، والاعتناء بحفظها والتيقظ لذلك، واستأذن أهلها في ذبح ما يحتاج إلى ذبحه في بعض الأوقات لعارض، وغير ذلك. وإن كان رسولًا من سلطان إلى سلطان أو نحوه اهتم بتعلُّم ما يحتاج إليه من آداب مخاطبات الكبار، وجوابات ما يعرض في المحاورات،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ذلك وما لا يكفي. قوله: (وإن كان راعيًا الخ) أي تعلم ما يحتاج إليه من أمور الدين. قوله: (وتعلم ما يحتاج إليه عن لرفق بالدواب) فإن الله رفيق يحب كل رفيق وذكر علماء التفسير أن النبي الذي كان في زمن طالوت لما ذكر له من شأن داود أنه الذي يقتل جالوت وكان أبوه إيشا قد تركه يرعى فجاؤوا إليه فوجدوه يحمل الشياه على كتفه شاتين ليمر بهما عن السيل لئلا يخوضاه فقالوا: هو هذا إذا كانت هذه رحمته للبهائم فكيف لرعاياه من نوع الإنسان فأخذوه إلى آخر القصة في البغوي وغيره. قوله: (وطلب النصيحة لها) أي بأن يحسن في رعيها وإيصالها إلى ما ينفعها. قوله: (ولأهلها) أي بأن يشير عليهم بما به يعود عليهم نفعها من الاعتناء بشأنها ودفع مؤذيها. قوله: (واستأذن أهلها) عطف على قوله: "تعلم ما يحتاج إليه" أي استأذنهم في ذبح ما يعرض داع لذبحها كعض ذئب أو نحوه مع الحياة المستقرة حيث يخشى من ترك الحيوان بحاله أن يموت فيذهب الانتفاع به وفي الإصابة للحافظ ابن حجر خرج ابن عمر في بعض متنزهات المدينة وإذا عبد أسود يرعى شياهًا فأتى ابن عمر بالغداء فدعا الراعي فقال: إني صائم فقال ابن عمر- والظاهر أنه لاستفسار أمر حال الراعي والنظر إلى لفظه في جوابه -أفي هذا اليوم الشديد الحر يصام فقال يوم القيامة أشد حرًّا ثم قال ابن عمر: هل لك أن تبيعنا من هذه الشياه ما تفطر منه معنا فقال إنها ليست لي فقال ابن عمر بعها وقيل لسيدها أكلها الذئب فانصرف العبد وهو يقول فأين الله فلما عاد ابن عمر إلى المدينة سأل عن سيد العبد فشراه وشرى الأغنام وأعتقه ووهبه الأغنام اهـ. قوله: (وما يحل لي الخ) أي لأنه من