واعْلَمُوا أنَّ الجنَّةَ تَحْتَ ظِلالِ السُّيوف"، ثم قال: "اللهُم مُنْزِلَ الكِتابِ، ومُجْرِي السَّحاب، وهازِمَ الأحْزابِ، اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنا عَلَيْهِمْ" وفي رواية: "اللهم مُنْزِل الكِتاب، سَرِيع الحِساب،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مع الصابرين بالمعونة ففيه الحث على الصبر في القتال وهو أحد أركانه وقد سبقت الآية الجامعة لآدابه أول الباب. قوله: (واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف) في المفهم هذا من الكلام النفيس البديع الجامع لضروب البلاغة من جزالة اللفظ وعذوبته وحسب استعارته وشمول المعاني الكثيرة مع الألفاظ اليسيرة الوجيزة بحيث تعجز الفصحاء اللسن البلغاء عن إبداء مثله وأن يأتوابنظيره وشكله فإنه استفيد منه مع وجازته الحض على الجهاد والإخبار بالثواب عليه والحض على مقاربة العدو واستعمال السيوف والاعتماد عليها واجتماع المقاتلين حين الزحف بعضهم لبعض حتى تكون سيوفهم بعضها يقع على العدو وبعضها يرتفع عليهم حتى كأن السيوف أظلت الضاربين بها ويعني أن الضارب بالسيف في سبيل الله تعالى يدخل الجنة بذلك كما جاء في الحديث الآخر الجنة تحت اقدام الأمهات أي من أبر بأمه وقام بحقها دخل الجنة اهـ. قوله: (منزل الكتاب) بالتخفيف وبجوز تشديده والكتاب يجوز أن يراد به القرآن ويجوز أن يراد به الجنس فيشمل سائر الكتب الإلهية المنزلة إلى الدنيا. قوله: (الأحزاب) جمع حزب وهم الجمع والقطعة من النّاس وسبق في أذكار السعي أن المراد بهم الكفار الذين تحزبوا عليه - صلى الله عليه وسلم - فحفر من أجلهم الخندق ونصر عليهم بالصبا وأنزل الله جنود لم يرها المؤمنون وكفى الله المؤمنين القتال وسيأتي له مزيد إن شاء الله تعالى في باب تكبير المسافر إذا صعد الثنايا وتسبيحه إذا هبط الأودية. قوله: (اهزمهم) بكسر الزاي أي اغلبهم والضمير للأعداء الموجودين حينئذٍ. قوله:
(وفي رواية) أي في الصحيحين عن عبد الله ابن أبي أوفى المذكور في الرواية قبله وهي كذلك عند أحمد كما قاله الحافظ. قوله: (سريع الحساب) قال القرطبي في المفهم وصف بذلك لأنه يعلم الأعداد المتناهية وغيرها في آن واحد فلا يحتاج في ذلك إلى فكر ولا