"ذَهَبَ الظمأ، وابْتلَّتِ العُرُوقُ، وَثَبَتَ الأجْرُ إنْ شاءَ اللهُ تَعالى".
قلت: الظمأ مهموز الآخر مقصور: وهو العطش. قال الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ} [التوبة: 120] وإنما ذكرت هذا وإن كان ظاهرًا، لأني رأيت من اشتبه عليه فتوهمه ممدودًا.
وروينا في سنن أبي داود، عن معاذ بن زهرة، أنه بلغه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أفطر قال: "اللهم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وتعقب بأن مروان الذي احتج به البخاري غير مروان هذا. قوله: (ذَهبَ الظمَأُ) زاد في شرح الروض قبله اللهم وعزاها لسنن أبي داود وقال ابن حجر الهيتمي في التحفة ولم أرها في السنن. قوله: (وابتلَّتِ العرُوقُ) هو مؤكد لما قبله. قوله: (وثبتَ الأَجرُ) هذا من ذكر ما به الاستبشار والفرح المشار إليه بقوله تعالى في الخبر القدسي للصائم فرحتان فرحة عند فطره أي من جهة الطبع وهو المشار إليه بقوله ذهب الظمأ ومن جهة التوفيق لأداء هذه العبادة العظيمة وفرحة عند لقاء ربه أي لما أعدل له من الأجر المؤذن به قوله إلَّا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به أي وتولى الكريم الجزاء دليل على سعة العطاء وهو المشار إليه بقوله هنا وثبت الأجر ونظير هذا الاستبشار والاستلذاذ قول أهل الجمعة بعد استقرارهم فيها {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر: 34] لأن من أدرك حصول بغيته لا سيما بعد مزيد النصب يزداد استلذاذه بذكر ذلك وما يدل على نيله لذلك. قوله: (إِنْ شاءَ الله تَعَالى) هو للتبرك ويصح كونها للتعليق لأن الأجر إليه سبحانه وتعالى إن شاء أعطاه وإن شاء منعه على أنه قد يكون في العمل دسيسة تمنع من أجره شرعًا قال في الخادم قال الشريف أبو العباس العراقي في كتاب عمدة التنبيه وزاد فيه الإِمام محيي الدين يوسف بن الجوزي مستدلا بخطه وعليك توكلت سبحانك اللهم وبحمدك أنت السميع العليم ورفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - اهـ، ولم أر لغيره فيه كلامًا. قوله: (وَرَوَيْنَا في سُنَنِ أَبي دَاوُدَ الخ) قال الحافظ هكذا رواه مرسلًا أخرجه في كتاب الصيام من السنن وفي كتاب المراسيل بلفظ واحد عن مسدد عن هشيم عن حصين عن معاذ ومعاذ هذا ذكره البخاري في التابعين لكن قال معاذ أبو زهرة وتبعه ابن أبي حاتم وابن حبان