اتخذت إبراهيم خليلًا، وكلمت موسى تكليمًا" فقال: ألم أعطِكَ خيرًا من هذا؟!. . . إلى قوله: واتخذتك حبيبًا، أو ما في معناه (?).
ولأن الحبيب يصل بلا واسطة، بخلاف الخليل؛ قال تعالى في ذكر نبينا عليه الصلاة والسلام: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9)}، وفي إبراهيم عليه الصلاة والسلام: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}، والخليل قال: {وَلَا تَحْزَنِي}، وفي المحنة قال: "حسبي" (?)، والحبيب قيل له: {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ}، {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ}.
وقال قوم: الخلة أرفع، ورجَّحه جماعة متأخرون كالبدر الزركشي وغيره؛ لأن الخلة أخص من المحبة؛ إذ هي توجد بها (?)، فهي نهايتها، ومن ثَمَّ أخبر نبينا صلى اللَّه عليه وسلم بأن اللَّه سبحانه وتعالى اتخذه خليلًا، ونفى أن يكون له خليلٌ غير ربه، مع إخباره بحبِّه لجماعةٍ من أصحابه.
وأيضًا: فإنه تعالى يحب التوابين، والمتطهرين، والصابرين، والمحسنين، والمتقين، والمقسطين، وخلته خاصة بالخليلين، قال ابن القيم: (وظَنُّ أن المحبة أرفع، وأن إبراهيم خليل، ومحمدًا حبيب. . غلط وجهل) ورَدُّوا ما احتج به الأولون مما مر (?)، بأنه إنما يقتضي تفضيل ذات محمد على ذات إبراهيم عليهما الصلاة والسلام، مع قطع النظر عن وصف المحبة والخلة، وهذا لا نزاع فيه، إنما النزاع في الأفضلية المستندة إلى أحد الوصفين، والذي قامت عليه الأدلة استنادها إلى وصف الخلة الموجودة في كل من الخليلين، فخلة كلٍّ منهما أفضل من محبته، واخْتَصَّا بها؛ لتوفر معناها السابق فيهما أكثر من بقية الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ولكون هذا التوفر في نبينا أكثر منه في إبراهيم. . كانت خلته أرفع من خلة إبراهيم صلى اللَّه عليهما وسلم.