قبله أو غير ناسخٍ له- أو على مَنْ قبله وأُمر بدعوة الناس إليه، أم لم يكن له ذلك؛ بأن أُمر بتبليغ الموحى إليه من غير كتاب، ولذلك كثرت الرسل؛ إذ هم ثلاث مئة وثلاثة عشر، وقلَّت الكتب؛ إذ هي: التوراة، والإنجيل، والزبور، والفرقان، وصحف آدم، وشيث، وإدريس، وإبراهيم، وهو أخص من النبي؛ فإنه: إنسانٌ حرٌّ ذكرٌ من بني آدم، أُوحي إليه بشرعٍ وإن لم يؤمر بتبليغه.
(صلواته) أي: رحمته المقرونة بتعظيم، وخُصَّ لفظها بهم (?)؛ تعظيمًا لهم، وتمييزًا لرتبتهم على غيرهم، وتنظير بعض الشُّرَّاح في تفسيرهم لها بالرحمة؛ لأنها عطفت عليها في: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} ولأنها مستحيلةٌ في حقه تعالى، وتصويبه أنها المغفرة. . غيرُ سديد (?)؛ لأنها أخص من مطلق الرحمة، وعطف العام على الخاص صحيحٌ مفيد؛ ولأن المراد بها -كما مر- في حقه تعالى: غايتُها كسائر الصفات المستحيل ظاهرها عليه تعالى.
(وسلامه) أي: تسليمه إياهم من كل آفةٍ ونقصٍ (عليهم) وهذه كجملة (الحمد للَّه) خبريةٌ لفظًا، إنشائيةٌ معنًى (إلى) متعلقٌ بـ (باعث) (المكلَّفين) جمع مكلفٍ؛ وهو: البالغ العاقل من الإنس، وكذا من الجن بالنسبة لنبينا صلى اللَّه عليه وسلم؛ إذ هو مرسلٌ إليهم إجماعًا، خلافًا لمن وهم فيه، كما بيَّنه السبكي في "فتاويه" (?)، وأما بقية الرسل. . فلم يرسل أحدٌ منهم إليهم؛ كما قاله الكلبي، وروي عن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما (?).