وللاستغفار ألفاظٌ شهيرةٌ جاءت في السنة؛ منها: سيد الاستغفار، ولم نذكره لشهرته، ومنها: (أستغفر اللَّه العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه) أخرج أبو داوود والترمذي: أن من قاله. . غفر له وإن كان فرَّ من الزحف (?)، وهذا أبلغ ردٍّ على من كره: (وأتوب إليه) (?).
وأخرج النسائي عن أبي هريرة: (ما رأيت أحدًا أكثر أن يقول: أستغفر اللَّه وأتوب إليه من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم) (?).
ثم زاد تعالى ذلك تأكيدًا ثالثًا فقال: (يا بن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض) بضم القاف، وهو الأشهر، وبكسرها؛ أي: بقريب ملئها، أو بملئها، وهذا أبلغ مما قبله، خلافًا لمن فسَّره بما يوهم اتحادهما؛ لأن قرابها ملؤها، وهو يشمل ملء ما بينها وبين السماء وملء طبقاتها السبع.
وفسَّرناه بالملء وإن كان حقيقةً في قرب الملء؛ لأن ذلك أبلغ في سعة العفو الدال عليها السياق، ثم رأيت بعضهم فسره بما يقتضي أنه حقيقةٌ في كلٍّ من الملء ومقاربه، فإن صح ذلك. . فلا إشكال.
(خطايا ثم لقيتني) أي: مت حال كونك (لا تشرك بي شيئًا) لاعتقادك توحيدي والتصديق برسلي وبما جاؤوا به (لأتيتك بقرابها) عبَّر به للمشاكلة، وإلَّا. . فمغفرة اللَّه تعالى أعظم وأوسع من ذلك.
(مغفرةً) ويرادفها العفو، لكن فُرِّق بينهما: بأنها لِمَا لم يَطَّلع عليه أحدٌ، وهو لما اطُّلِع عليه، وهو بالتحكم أشبه، فعلم أن الإيمان شرطٌ في مغفرة ما عدا الشرك؛ لأنه الأصل الذي ينبني عليه قبول الطاعة وغفران المعصية، وأما مع الشرك. . فلا أصل ينبني عليه ذلك: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا}.
فالسبب الأعظم للمغفرة هو التوحيد، فمن فقده. . فقد فقدها، ومن أتى به ولو