خيرًا منها صرْفَ سوء عنه، أو ادخارها له في الآخرة، أو مغفرة ذنب؛ فقد أخرج أحمد والترمذي: "ما من أحدٍ يدعو بدعاءٍ إلا آتاه اللَّه ما سأل، أو كفَّ عنه من السوء مثله ما لم يدعُ بإثمٍ أو قطيعة رحم" (?).
وأحمد والحاكم في "صحيحه": "ما من مسلمٍ يدعو بدعوةٍ ليس فيها إثمٌ أو قطيعةُ رحمٍ إلا أعطاه اللَّه بها إحدى ثلاثٍ: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها في الآخرة، وإما أن يكشف عنه من السوء مثلها" قالوا: إذًا نكثر، قال: "اللَّه أكثر" (?)، ورواه الطبراني وأبدل الأخيرة بقوله: "أو يغفر له بها ذنبًا قد سلف" (?).
وزاد تعالى ذلك تأكيدًا مبالغة في سعة رجاء خلقه فيما عنده من مزيد التفضل والإنعام فقال: (يا بن آدم؛ لو بلَغَت ذنوبك) عند فرضها أجرامًا (عَنَان) بفتح المهملة؛ أي: سحاب (السماء) بأن ملأت ما بينها وبين الأرض؛ كما في الرواية الأخرى: "لو أخطأتم حتى بلغت خطاياكم ما بين السماء والأرض، ثم استغفرتم اللَّه تعالى. . لغفر لكم" (?) وقيل: عَنَانها: ما عنَّ لك منها -أي: ظهر- إذا رفعت رأسك إليها (?).
(ثم استغفرتني) أي: تُبتَ توبةً صحيحةً بأن أقلعت عن المعصية للَّه، وندمت عليها من حيث كونها معصية، وعزمت على ألَّا تعود إليها، ورددتها إن كانت ظلامةً إلى أهلها أو تحلَّلت منهم (غفرت لك) وإن تكرر الذنب والتوبة منه مرارًا في اليوم الواحد، ومن ثم ورد عنه صلى اللَّه عليه وسلم: "ما أصرَّ من استغفر -أي: تاب- وإن عاد في اليوم سبعين مرة" (?) وأنبأ بهذا المثال الذي هو النهاية في الكثرة على أن كرمه وفضله وعفوه ومغفرته لا نهاية لها ولا غاية، فذنوب العالم كلها متلاشيةٌ عند