ومعنى معاداته من أجل ولايته: إيذاء من ظهرت عليه أمارات الولاية من قيامه بحقوق اللَّه تعالى وحقوق عباده؛ إما بإنكارها عنادًا أو حسدًا، أو بعدم الجري على ما ينبغي له من التأدب معه، أو بنحو سبِّه أو شتمه أو نحو ذلك من أنواع الإيذاء التي لا مسوغ لها شرعًا مع علم متعاطيها بذلك، وإذا علم ما في معاداة الولي من عظيم الوعيد والتهديد. . علم ما في موالاته من جسيم الثواب وباهر التوفيق والهداية والقرب والتأييد.
جميع المعاصي محاربة للَّه عز وجل، ومن ثم قال الحسن: (يا بن آدم؛ هل لك بمحاربة اللَّه من طاقة؛ فإن من عصى اللَّه. . فقد حاربه؟!) (?).
ولكن كلما كان الذنب أقبح. . كان أشد محاربة للَّه تعالى؛ ولهذا سُمي أكَلة الربا وقطَّاع الطريق محاربين للَّه ورسوله؛ لعظم ظلمهم لعباده، وسعيهم بالفساد في بلاده.
(وما تقرب إليَّ عبدي) (?) في الإضافة ما يأتي (بشيء أحبَّ إليَّ مما افترضت عليه) أي: من أدائه عينًا كان أو كفايةً؛ كالصلاة، وأداء الحقوق إلى أربابها، وبر الوالدين، والجهاد، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإقامة الحِرَف والصنائع، وغير ذلك من سائر المفروضات؛ لأن الأمر بها جازمٌ، فيتضمن أمرين: الثواب على فعلها، والعقاب على تركها، بخلاف النوافل، فلذلك كانت الفرائض أكملَ وأحبَّ إلى اللَّه تعالى وأشدَّ تقريبًا، وروي: أن ثواب الفرض يعدل ثواب النفل بسبعين درجة.
وبالجملة: فالفرض كالأساس، والنفل كالبناء على ذلك الأساس.