(وفقنا اللَّه) أي: أقدرنا اللَّه تعالى على الطاعة بخلق قدرتها فينا (وإياك) بدأ بنفسه عملًا بقوله صلى اللَّه عليه وسلم: "ابدأ بنفسك" (?) ثم أدرج معه من هو كنفسه من أحبابه وأصدقائه، فالنون للجمع، أو للعظمة مشيرة إلى تعظيم ما أنعم اللَّه تعالى به عليه، لا لعظمة نفسه من حيث هي.

(إلى عظيم لطف) أي: رفق (اللَّه تعالى) بعبيده حيث أعظم التفضل عليهم بأن جعل الهم بالحسنة وإن لم تعمل حسنةً كاملة، وبالسيئة إذا تركت كذلك، وإلَّا. . فواحدة، والحسنة إذا عملت عشرًا إلى ما لا قدرة لمخلوقٍ على حصره؛ كما مر.

(وتأمل هذه الألفاظ) النبوية الصادرة من ينبوع الحكمة، ومادة الحياة الأبدية.

(و) من جملة ما ينبغي تأمله: (قوله) في الحسنة: كتبها اللَّه (عنده) فإنه (إشارة إلى) مزيد (الاعتناء بها) لما مر أنها عندية شرفٍ ومكانةٍ.

(و) من جملة ذلك أيضًا: (قوله) في الأول: حسنة (كاملة) فإنه (للتأكيد) ردًا لما يتوهم مما مر (وشدة الاعتناء بها، وقال في السيئة التي همَّ بها ثم تركها: كتبها اللَّه حسنة كاملة، فأكدها بكاملة) ردًا لنظير ما مر.

(و) قال: (إن عملها. . كتبها اللَّه سيئةً واحدةً، فأكَّد تقليلها بواحدة، ولم يؤكدها بكاملة) إشارة إلى مزيد العناية بعبيده، والإنعام عليهم بغايات التفضُّل ونهايات الرفق والمسامحة، وإلى أن مقام الفضل أوسع من مقام العدل؛ كما دلَّ عليه قوله صلى اللَّه عليه وسلم: "إن اللَّه تعالى كتب كتابًا فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي سبقت غضبي" (?)، "ولا يهلك على اللَّه إلا هالكٌ" أي: أن من سمع بهذا الفضل العظيم منه تعالى لعباده، ثم جبن عن متاجرته أو شحَّ عن الإنفاق في سبيله. . فإنه هالكٌ غير معذور، أو المراد: لا يعاقب مع هذه المسامحة العظيمة إلا مفرطٌ غاية التفريط.

(فلله) دون غيره (الحمد) على هذا الفضل العظيم (والمنَّة) أي: النعمة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015