بجميع ما فيه، قيل: وليس المراد ذلك، إنما المراد: فيما يحكيه عن فضل ربه، أو حكمه، أو نحو ذلك. اهـ

والجزمُ بذلك النفي فيه نظر؛ لأن كلا الأمرين محتملٌ، بل الأول أقرب إلى السياق وإلى الاصطلاح الذي قدمناه من قول المصنف في الحديث السابق: (فيما يرويه عن ربه) (?) ثم رأيت في بعض طرق هذا الحديث في "الصحيحين" ما هو صريحٌ في الأول، وهو: "يقول اللَّه عز وجل: إذا أراد عبدي أن يعمل سيئةً. . فلا تكتبوها عليه حتى يعملها، فإن عملها. . فاكتبوها بمثلها، وإن تركها من أجلي. . فاكتبوها له حسنةً، وإن أراد أن يعمل حسنةً فلم يعملها. . فاكتبوها له حسنةً، وإن عملها. . فاكتبوها له بعشر أمثالها، وإذا تحدَّث بأن يعمل سيئةً. . فأنا أغفرها له ما لم يعملها، فإذا عملها. . فأنا أكتبها له بمثلها" (?).

(تبارك) أي: تعاظم (وتعالى) أي: تنزَّه عن كل ما لا يليق بعلياء كماله الأقدس (?).

(قال: إن اللَّه تعالى كتب الحسنات والسيئات) (?) أي: أمر الحفظة بكتابتهما، أو كتبهما في علمه على وفق الواقع منهما، أو قدر مبالغ تضعيفهما.

(ثم بيَّن) أي: اللَّه تعالى، وجَعْلُ الضمير له صلى اللَّه عليه وسلم مبنيٌّ على ما مر أن المراد بـ (عن ربه): عن حكمه أو فضله، ومرَّ بما فيه.

(ذلك) للكتبة من الملائكة حتى عرفوه واستغنوا به عن أن يستفسروا في كل وقتٍ كيف يكتبونه؛ لأنه تعالى شرع لهم ما يعملون بحسبه، وبالغ في رحمة هذه الأمة حيث أخلف عليها قصر أعمارها بتضعيف أعمالها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015