وروى أحمد: أن خبَّاب بن الأرتِّ خرج في سرية (فكان صلى اللَّه عليه وسلم يحلب عنزًا لعياله فتملأ الجفنة حتى تفيض زيادة على حِلابها، فلما قدم وحلبها. . عاد إلى ما كان) (?).

وكان أبو بكر رضي اللَّه تعالى عنه يحلب للحي أغنامهم، فلما استخلف. . قيل: الآن لا يحلبها، فقال: (بلى، وإني لأرجو ألَّا يغيرني ما دخلت فيه عن شيءٍ كنت أفعله) (?)؛ وذلك لأن العرب كانوا يستقبحون حلب النساء، بل روي خبر: "لا تسقوني حلب امرأة" (?).

وكان عمر رضي اللَّه تعالى عنه يتعاهد الأرامل فيستقي لهنَّ الماء بالليل، ورآه طلحة داخلًا بيت امرأة ليلًا، فدخل لها نهارًا فإذا هي عجوزٌ عمياء مقعدة، فقال لها: (ما يصنع هذا الرجل عندك؟) فقالت له: منذ كذا يتعاهدني بما يقوم بي من البِرِّ وما يصلح لي شأني، ويخرج عني الأذى، ويُقمُّ لي بيتي، فقال طلحة لنفسه: (ثكلتك أمك يا طلحة، أعثراتِ عمرَ تتبع) (?).

(ومن سلك طريقًا) فعيلًا من الطَّرْق؛ لأن الأرجل ونحوها تطرقه وتطلبه وتسعى فيه، ويصح أن يراد به هنا ما يشمل طرقه المعنوية؛ كحفظه، ومذاكرته، ومطالعته، وتفهمه، وكل ما يتوصل به إليه.

(يلتمس) أي: يطلب (فيه) أي: في غايته أو بسببه أو فيه حقيقة، لكنه نادرٌ جدًا، فلا يحمل الحديث عليه.

(علمًا) شرعيًا أو آلةً له قاصدًا به وجه اللَّه تعالى، قيل: وهذا وإن اشترط في كل عبادة، لكن عادة العلماء تقييد هذه المسألة به؛ لأن بعض الناس قد يتساهل فيه أو يغفل عنه. اهـ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015