النصيحة الواجبة، وكذا لا تحرم غيبة المتجاهر بفسقه، وهو المعلن به الذي لا يبالي بما ارتكب من أنواعه ولا بما يقال له، وهذا لا ينبغي أن يشفع له، بل يترك حتى يحد؛ كما نصَّ عليه مالكٌ رضي اللَّه تعالى عنه، وإنما كره أحمد رضي اللَّه تعالى عنه رفع الفُسَّاق إلى السلطان بكل حال؛ لأنهم غالبًا لا يقيمون الحد، وإن أقاموه. . تجاوزوا فيه، ولهذا قال: إن علمت أنه يقيم الحد. . فارفعه، ثم ذكر أنهم ضربوا رجلًا فمات، يعني لم يكن قتله جائزًا.
(واللَّه) تعالى (في عون العبد ما كان العبد) أي: مدة دوام كونه (في عون أخيه) بقلبه أو بدنه أو ماله أو غيرها (?)، قيل: وهذا إجمالٌ لا يسع بيانه الطروس (?)؛ فإنه مطلقٌ في سائر الأحوال والأزمان، ومنه أن العبد إذا عزم على معاونة أخيه. . فينبغي له ألَّا يجبن عن إنفاذ قوله وصدءعه بالحق إيمانًا بأن اللَّه تعالى في عونه، وتأمل دوام هذه الإعانة؛ فإنه صلى اللَّه عليه وسلم لم يقيدها بحالةٍ خاصةٍ، بل أخبر بأنها دائمةٌ بدوام كون العبد في عون أخيه، وروى أحمد: "ومن كان في حاجة أخيه. . كان اللَّه تعالى في حاجته" (?).
والطبراني: "أفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن، فكسوتَ عورته، أو أشبعتَ جوعته، أو قضيتَ له حاجته" (?).
وورد: "من سعى في حاجة أخيه المسلم قُضيتْ له أو لم تُقضَ. . غفر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخر، وكتب له براءتان براءة من النار، وبراءة من النفاق" (?).
وأمر الحسن ثابتًا البُناني بالمشي في حاجةٍ، فقال: أنا معتكفٌ، فقال له: (يا أعمش؛ أما تعلم أن مشيك في حاجة أخيك المسلم خيرٌ لك من حجةٍ بعد حجةٍ؟!) (?).