وخبره أيضًا: "من انظر معسرًا أو وضع عنه. . أظلَّه اللَّه في ظله يوم لا ظل إلا ظله" (?).
وخبر أحمد: "من أراد أن تُستجاب دعوته، وتنكشف كربته. . فليفرج عن معسر" (?).
(ومن ستر مسلمًا) من ذوي الهيئات ونحوهم (?) ممن لم يعرف بأذًى أو فسادٍ بأن علم منه وقوع معصيةٍ فيما مضى فلم يخبر بها حاكمًا ولا غيره، وهذا للندب؛ إذ لو لم يستره بأن رفعه لحاكمٍ. . لم يأثم إجماعًا، بل ارتكب خلاف الأولى أو مكروهًا.
وخرج برفعه لحاكمٍ كشفُها وهتكُها بالتحدُّث بها، وهذا غيبةٌ محرمةٌ شديدةُ الإثم والوزر؛ قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ}، ومن ثَمَّ يندب لمن جاءه تائبٌ نادمٌ وأقر بحدٍّ ولم يفسِّره ألَّا يستفسره، بل يأمره بستر نفسه كما أمر صلى اللَّه عليه وسلم ماعزًا والغامدية، وكما لم يستفسر من قال له: أصبتُ حدًا فأقمه عليَّ، وكذا يندب لمن ظهرت له جريمةٌ ولم تبلغ الإمام أن يشفع له حتى لا تصل إليه؛ لقوله صلى اللَّه عليه وسلم: "أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم" خرجه أبو داوود والنسائي (?).
ومن ثم قال أصحابنا: لا يُعزَّر ذو الهيئة على هفوةٍ أو زلةٍ صدرت منه.
أو المراد بستر المسلم: ستر عورته الحسية أو المعنوية بإعانته على ستر دينه؛ كأن يكون محتاجًا لنكاحٍ فيتوصل له في التزوج، أو لكسب فيتوصل له إلى بضاعةٍ يتَّجر فيها، أو بنحو ذلك.
وفي رواية للطبراني: "ومن ستر على مؤمنٍ عورته. . ستر اللَّه عورته" (?).