من غير فائدةٍ وبطريق محرمٍ، فهو تصرفٌ رديءٌ: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} الآيةَ.
ثم الحسد -وإن ركز في الطبع البشري؛ إذ الإنسان بطبعه يودُّ ألَّا يفوقه أحدٌ من جنسه في شيءٍ من الفضائل- ينقسم أهله إلى أقسام:
فمنهم من يسعى بقوله وفعله في نقل نعمة المحسود إلى نفسه، أو في مطلق نقلها، وهو شرهما وأخبثهما.
ومنهم من لم يعمل بمقتضى حسده ولم يسعَ على المحسود بقولٍ ولا فعلٍ، وعن الحسن أن هذا غير آثمٍ، ورُوي مرفوعًا من وجوهٍ ضعيفة (?).
وظاهرٌ أن محله إن عجز عن إزالته من نفسه وجاهدها في تركه ما استطاع، بخلاف من يحدِّث به نفسه اختيارًا مع تمني زوال نعمة المحسود، فهذا لا شك في تأثيمه، بل تفسيقه وإن قال بعضهم: هذا شبيهٌ بالعزم المصمم، وفي العقاب به خلافٌ بين العلماء.
ومنهم من إذا حسد. . لم يتمنَّ زوال نعمة المحسود، بل يسعى في اكتساب مثل فضائله، فإن كانت دنيويةً. . فلا خير فيه، أو دينيةً. . فهو حسنٌ، وقد تمنَّى صلى اللَّه عليه وسلم الشهادة في سبيل اللَّه عز وجل.
(ولا تناجشوا) أي: لا ينجُش بعضكم على بعضٍ بأن يزيد في المبيع لا لرغبةٍ فيه بل ليخدع غيره (?)، من: (نجشت الصيد) إذا أثرتَه، كأن الناجش يثير كثرة الثمن بنجشه، وحرم إجماعًا على العالِمِ بالنهي، سواءٌ أكان بمواطأة البائع أم لا؛ لأنه غشٌّ وخداعٌ، وهما محرمان: "من غشَّنا -وفي رواية: من غش-. . فليس منا" (?) ولأنه ترك النصح الواجب.