وإنما أطلت الكلام في هذا الباب؛ لعظم فائدته، وكثرة الحاجة إليه، وكونه من أعظم قواعد الإسلام) انتهى ملخصًا (?).
وهو حسنٌ نافعٌ، لكن أين الآن من يقبل النصيحة وقد اتُّبِع الهوى، وغلب الشح، وأُعجب كل ذي رأيٍ برأيه؟! فإنا للَّه وإنا إليه راجعون، اللهم، وإذا أردت بالناس فتنةً. . فاقبضنا إليك غير مفتونين، واحفظ علينا الإيمان إلى أن نلقاك وأنت راضٍ عنا بكرمك، إنك رؤوف رحيم، وهَّاب كريم.
(رواه مسلم) بسنده عن طارق بن شهاب قال: أول من بدأ بالخطبة يوم العيد مروان، فقام إليه رجلٌ فقال: الصلاة قبل الخطبة، فقال: قد ترك ما هنالك، فقال أبو سعيد: أما هذا. . فقد قضى ما عليه، سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول: "من رأى منكم منكرًا. . فليغيره بيده. . ." الحديث.
وبه يعلم بطلان ما نقل: أن عثمان أو عمر فعل ذلك، لتصريحه بحضرة جمعٍ من الصحابة بأنه منكر، المستلزمِ أنه لم يعمل به أحدٌ قبل مروان، وإلَّا لو سبقه إليه أحد ذينك الإمامينِ. . لم يسمِّه أبو سعيد منكرًا، ومن ثم حكى بعضهم الإجماع على تقديم الصلاة على الخطبة يوم العيد، ولم يلتفت إلى خلاف بني أمية بعد إجماع الخلفاء والصدر الأول.
وإنما تأخر عن تغييره حتى أنكره ذلك الرجل، لاحتمال أنه لم يحضر أول ما شرع مروان في أسباب تقديم الخطبة، ثم دخل وهما في الكلام، أو أنه كان حاضرًا، لكنه خاف على نحو نفسه أو غيره فتنةً لو أنكر، ولم يخف ذلك الرجل لنحو قوة عشيرته أو خاف وخاطر، وذلك جائزٌ، بل مندوبٌ، أو أن أبا سعيدٍ همَّ بالإنكار فبدره ذلك الرجل فعضده أبو سعيد.
ولا تعارض روايةَ مسلم تلك روايتُه كالبخاري: أن أبا سعيد هو الذي أخذ بيد مروان حين رآه يصعد المنبر وكانا جاءا معًا، فردَّ عليه مروان بمثل ما ردَّ هنا على