لبعضهم على بعض، والقيام به مع عدم تعيُّنه أفضل منه مع تعيُّنه.

نعم؛ القيام بفرض عينٍ لذاته أفضل منه بفرض الكفاية ما لم يتعيَّن على خلافٍ فيه، ولا ينافي ما تقرر من الوجوب قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} الآيةَ؛ لأنه صلى اللَّه عليه وسلم سُئِل عنها فقال: "ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر، فإذا رأيت شحًا مطاعًا، وهوًى متبعًا، ودنيا مؤثرةً، وإعجاب كل ذي رأيٍ برأيه، ورأيت أمرًا لا يد لك به. . فعليك بنفسك. . ." الحديث (?).

ففيه تصريحٌ بأن الآية محمولةٌ على ما إذا عجز المنكِر عن إزالة المنكَر، ولا شك في سقوط الوجوب حينئذٍ، على أن معناها عند المحققين: إنكم إذا فعلتم ما كُلِّفتم به. . لا يضركم تقصير غيركم، نحو: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}، ومما كُلِّفنا به الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا لم يمتثلهما المخاطب. . فلا عتب حينئذ؛ لأن الواجب الأمر والنهي لا القبول.

(فإن لم يستطع) الإنكار بلسانه. . (فبقلبه) (?) ينكر بأن يكره ذلك به، ويعزم أنه لو قدر عليه بقولٍ أو فعلٍ. . أزاله؛ لأنه يجب كراهة المعصية، فالراضي بها شريكٌ لفاعلها، فإن كان رضاه بها لاستحلالها. . كفر إن أُجمع عليها وعُلمت من الدين بالضرورة، أو لغلبة الهوى والشهوة. . فسق ولم يكفر، وهذا واجبٌ عينًا على كل أحد، لقدرة كل أحدٍ عليه، بخلاف اللَّذَيْنِ قبله.

فعلم من الحديث وما قررته فيه أنه يجب تغيير المنكر بكل طريقٍ أمكنه، فلا يكفي الوعظ لمن أمكنه إزالته بيده، ولا كراهة القلب لمن قدر على النهي باللسان.

ويرفق في التغيير بمن يخاف شره وبالجاهل، فإن ذلك أدعى إلى حصول المقصود، ومن ثم سُنَّ أن يكون متولي ذلك من أهل الصلاح والفضل، وقد قال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015