اتفاقهم على جواز صورٍ من الضرر (?)؛ كوضع آلات البناء بالشارع زمن العمارة، وكنفض أوعية ترابٍ أو جصٍّ عند الأبواب، فإن هذا مما لا غنى عنه مع قِلَّته.
وظاهرُ حديث: "لا ضرر ولا ضرار" امتناعُ الضرر ولو لمن أضرك، لكن يخص من ذلك الصائل ونحوه ممن يجوز دفعه ولو بقتله، ومن ثم كان حديث: "أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك" (?) محمولًا عند أهل العلم على أن معناه: لا تخن من خانك بعد أن انتصرت منه في خيانته لك، إذ من عاقب بمثل ما عُوقب به وأخذ حقه. . ليس بخائن، وإنما الخائن مَنْ أخذ ما ليس له أو أكثر مما له.
ومن ثم أجاز الشافعي، رضي اللَّه تعالى عنه لدائنٍ ظفر بمالِ مدينه أن يأخذ منه قدر حقه بشرطه وإن أدَّى إلى كسر بابٍ أو نقب جدارٍ، ولا نظر إلى ما فيه من الضرر؛ لأن المدين بنحو جحده مُهْدِرٌ لحقه، ويؤيده: (إذنه صلى اللَّه عليه وسلم لهند زوجة أبي سفيان رضي اللَّه تعالى، عنهما لمَّا شكت إليه صلى اللَّه عليه وسلم أنه ممسكٌ، وأنه لا ينفقها وولدها ما يكفيهما مع يساره. . بأن تأخذ من ماله ما يكفيها وولدها بالمعروف" (?).
والحاصل: أنه ليس لأحدٍ أن يَضر بغيره وإن أضر به قبل إلا إن كان على وجه الانتصار منه بمثل ما اىتدى به عليه على الوجه الشرعي، فإنه حينئذٍ ليس اعتداءً ولا ظلمًا ولا ضررًا.
(حديث حسن رواه ابن ماجه) من حديث ابن عباس، وعبادة بن الصامت رضي اللَّه تعالى عنهم (?)، وفي إسناديهما ضعفٌ وانقطاعٌ.
(والدارقطني) من طريق ضعيفة عن ابن عباس، وأخرى كذلك عن عائشة، وأخرى كذلك عن أبي هريرة، لكن مع شكٍّ فيهما (?).