وخبر أحمد والترمذي وابن ماجه: "من كانت الآخرة همه. . جمع اللَّه شمله، وجعل غناه في قلبه، وأتَتْه الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه. . شتت اللَّه شمله، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له" (?).
وروى الترمذي: "لو كانت الدنيا تعدِلُ عند اللَّه جناح بعوضةٍ. . ما سقى كافرًا منها شربة ماء" (?).
واعلم: أن من أهل الزهد في الدنيا مَنْ يحصل له بعض فضولها، فيمسكها ليتقرب بها إلى اللَّه تعالى، ومن ثم قال أبو سليمان: (كان عثمان وعبد الرحمن بن عوف رضي اللَّه تعالى عنهما خزانتين من خزائن اللَّه تعالى في أرضه، ينفقان في طاعته، وكانت معاملتهما للَّه بقلوبهما وعلومهما) (?).
ومنهم مَنْ لا يمسكها اختيارًا أو مع مجاهدة للنفس (?). وفضل ابن السماك والجنيد الأول، لتحقق يقينه بمقام السخاء والزهد، وابنُ عطاء الثاني؛ لأن له عملًا ومجاهدةً.
ومنهم مَنْ لا يحصل له شيءٌ من الفضول، وهو زاهدٌ في تحصيله مع القدرة أو بدونها، والأول أفضل، ولهذا قال كثيرٌ من السلف: (إن عمر بن عبد العزيز كان أزهد من أويس) (?).
واختلف العلماء أيما أفضل، طلبها لفعل الخير، أو تركها؟ فرجَّحت طائفةٌ الأولَ، وطائفةٌ الثاني (?).
* * *