وطلب التقليل منها كثيرةٌ جدًا، ومن ثم ورد أنه صلى اللَّه عليه وسلم قال: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل" (?).
وروي مرفوعًا وموقوفًا، متصلًا ومرسلًا: "حب الدنيا رأس كل خطيئة" (?)، وفي "المسند"، و"صحيح ابن حبان": أنه صلى اللَّه عليه وسلم قال: "من أحبَّ دنياه. . أضرَّ بآخرته، ومن أحب آخرته. . أضر بدنياه، فآثروا ما يبقى على ما يفنى (?).
وقد ذمَّ اللَّه تعالى من يحب الدنيا ويؤثرها على الآخرة بقوله: {كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (20) وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ (21)}، {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (20)}، {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} أي: المال {لَشَدِيدٌ}، وذمُّ محبتها مستلزمٌ لمدح بغضها.
ونقل غير واحدٍ من الشراح عن "الأربعين الودعانية" -زاد بعض محققيهم قوله: "الموضوعة"- خبر: "ارغب فيما عند اللَّه يحبك اللَّه، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس، إن الزاهد في الدنيا يريح قلبه وبدنه في الدنيا والآخرة، والراغب في الدنيا يتعب قلبه وبدنه في الدنيا والآخرة، ليجيئنَّ أقوالم يوم القيامة لهم حسنات كأمثال الجبال، فيؤمر بهم إلى النار" قيل: يا رسول اللَّه، أَوَ يصلون؟ قال: "كانوا يصلون، ويصومون، ويأخذون وهَنًا من الليل، لكنهم كانوا إذا لاح لهم شيءٌ من الدنيا. . وثبوا عليه".
ونقل بعضهم خبر: "أيها الناس، اتقوا اللَّه حق تقاته، واسعوا في مرضاته، وأيقنوا من الدنيا بالفناء، ومن الآخرة بالبقاء، واعملوا لما بعد الموت، فكأنكم بالدنيا ولم تكن، وبالآخرة ولم تزل، أَلَا وإن من في الدنيا ضيفٌ، وكل ما فيها عاريةٌ، وإن الضيف مرتحل، والعارية مردودة، والدنيا عرضٌ حاضرٌ، يأكل منها البَرُّ والفاجر، والدنيا مبغَّضةٌ لأولياء اللَّه تعالى، محبَّبةٌ لأهلها، فمن شاركهم في محبوبهم. . أبغضوه".