تعالى عنه وأرضاه، وجعل الجنة متقلَّبه ومثواه: [من الطويل]
ومن يَذُقِ الدنيا فإنِّي طَعِمْتها ... وسِيقَ إلينا عذبُها وعذابُها
فما هي إلا جيفةٌ مستحيلةٌ ... عليها كلابٌ همُّهُنَّ اجتذابها
فإن تجتنِبْها كنت سِلْمًا لأهلها ... وإن تجتذِبْها نازعتك كلابُها (?)
قال بعضهم: ولا يبعد عندي أن الزاهد في الدنيا يحبه الإنس والجن، أخذًا بعموم لفظ (الناس) إذ كان يطلق لغةً على الجن والإنس.
وأخرج الطبراني وغيره خبر: "ازهد فيما في أيدي الناس تكن غنيًا" (?).
وقال الحسن: (لا يزال الرجل كريمًا على الناس ما لم يطمع فيما في أيديهم، فحينئذٍ يستخفُّون به، ويكرهون حديثه، ويبغضونه) (?).
وقال أيوب السختياني: (لا يَنْبُل الرجل حتى يعفَّ عما في أيدي الناس، ويتجاوز عما يكون منهم) (?).
وكان عمر يقول في خطبته: (إن الطمع فقرٌ، وإن اليأس غنى) (?).
وسأل ابن سلامٍ كعبًا بحضرة عمر رضي اللَّه تعالى عنهم: ما يذهب بالعلم من قلوب العلماء بعد أن حفظوه وعقلوه؟ قال: يذهبه الطمع وشره النفس، وتَطَلُّبُ الحاجات إلى الناس، قال: (صدقت) (?).
وقد تكاثرت الأحاديث بالاستعفاف عن مسألة الناس، إذ مَنْ سألهم ما بأيديهم. . كرهوه وأبغضوه؛ لأن المال محبوبٌ لنفوسهم، بل لا أحبَّ إليها منه، ومن طلب محبوبك منك. . كرهته، وأما من زهد فيما بأيديهم. . فإنهم يحبونه ويكرمونه ويسودونه، كما قال أعرابيٌّ لأهل البصرة: (من سيدكم؟ قالوا: الحسن، قال: بِمَ