السؤال وأمثاله من أنواع التعلُّم والاستفهام (?)، أو المراد بالحلال والحرام: المعاملات الظاهرة بين الناس، وهذا في معاملة العبد مع ربه.
(فقال: ثكلتك) أي: فقدتك (أمك) لفقدك إدراك المؤاخذة بذلك مع ظهورها، وهذا مما غلب جريانه على السنتهم في المحاورات؛ للتحريض على الشيء والتهييج إليه من غير إرادة حقيقة معناه من الدعاء على المخاطب بموته، كـ (حَلْقَى عَقْرَى)، (تربت يمينك) (?).
(وهل) استفهام إنكارٍ بمعنى النفي؛ أي: ما (يَكُب) بضم الكاف من النوادر؛ لتعديه ثلاثيًا كـ (كببت الشيء) وقصوره رباعيًا كـ (أكب) هو.
(الناس) أي: أكثرهم؛ أي: يلقيهم (في النار على وجوههم، أو) قال: (على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم) أي: ما تكلمت به من الإثم، جمع (حصيدة) بمعنى محصودة، شبَّه ما تكسبه الألسنة من الكلام الحرام بحصائد الزرع بجامع الكسب والجمع، وشبَّه اللسان في تكلُّمه بذلك بحدِّ المنجل الذي يحصد به الناس الزرع، ففيه استعارةٌ بالكناية من حيث تشبيه ذلك الكلام بالزرع المحصود واللسان بالمنجل، تتبعها استعارة ترشيحية؛ لأن الحصاد يلائم المشبه به دون المشبه.
والحصر في ذلك إضافيٌّ؛ إذ من الناس مَنْ يكبه في النار عملُه لا كلامه، لكن ذلك خرج مخرج المبالغة في تعظيم جرائم اللسان: كـ "الحج عرفة" (?) أي: معظمه ذلك، كما أن معظم أسباب النار الكلام؛ كالكفر والغيبة والنميمة ونحوها، ولأن الأعمال يقارنها الكلام غالبًا، فله حصةٌ في ترتب الجزاء عليه عقابًا وثوابًا؛ ففي الحديث الصحيح: "من يضمن لي ما بين لحييه ورجليه. . أضمن له الجنة" (?)؛ وفيه: "إن الرجل ليتكلَّم بالكلمة من رضوان اللَّه لا يُلْقي لها بالًا يكتب له رضوانه إلى يوم القيامة، وإن الرجل ليتكلَّم بالكلمة من سخط اللَّه لا يعلم أنها تقع حيث تقع فيكتب