كتراث وتخمة- وهي: ما يستر الرأس، فالمتقي جعل بينه وبين المعاصي وقايةً تحول بينه وبينها من قوة عزمه على تركها، واستحضار علمه بقبحها.

والوصية بالتقوى هي وصية اللَّه تعالى للأولين والآخرين؛ قال تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} ومر الكلام على التقوى بمزيد في وصيته صلى اللَّه عليه وسلم معاذًا بها (?).

(والسمع والطاعة) جمع بينهما تأكيدًا للاعتناء بهذا المقام، ومن ثم خصه بالذِّكر عاطفًا له على ما يشمله وغيره وهو تقوى اللَّه تعالى، فهو من عطف الخاص على العام؛ لمزيد التأكيد والاعتناء بشأنه، ويصح أن يكون عطفَ مغايرٍ، من حيث إنَّ أظْهَرَ مقاصد التقوى انتظامُ الأمورِ الأخرويةِ، وأظهرَ مقاصد هذا انتظامُ الأمور الدنيوية، ومن ثم قال علي كرم اللَّه وجهه: (إن الناس لا يصلحهم إلا إمامٌ بَرٌّ أو فاجرٌ) (?)، وقال الحسن: (ما يصلح اللَّه تعالى به أكثر مما يفسده) (?).

(وإن تأمَّر عليكم عبدٌ) هذا إما من باب ضرب المثل بغير الواقع على طريق التقدير والفرض، وإلَّا. . فهو لا تصح ولايته، ونظيره: "من بنى للَّه مسجدًا ولو كَمَفْحَصِ قطاةٍ. . بنى اللَّه له بيتًا في الجنة" (?)، وإما من باب الإخبار بالغيب، وأن نظام الشريعة يختل حتى توضع الولايات في غير أهلها، والأمر بالطاعة حينئذٍ إيثارٌ لأهون الضررين؛ إذ الصبر على ولاية مَنْ لا يجوز ولايته أهون من إثارة الفتنة التي لا دواء لها ولا خلاص منها.

ويرشد إلى هذا تعقيب ذلك بقوله: (فإنه من يعش منكم. . فسيرى اختلافًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015