الرواية الآتية، وكان صلى اللَّه عليه وسلم يقع ذلك منه أحيانًا لا دائمًا؛ كما في "الصحيحين" مخافة سآمتهم ومللهم (?)، ومن ثم كان ابن مسعود يُذكِّر كل يوم خميس، فاستزيد فاعتلَّ بذلك (?).
(موعظةً) من الوعظ؛ وهو النُّصح والتذكير بالعواقب، وتنوينها للتعظيم؛ أي: موعظة جليلة، كما يدل عليه رواية: "موعظة بليغة" (?) أي: بلغت إلينا، وأثَّرت في قلوبنا حتى (وجِلت) أي: خافت، وكأنه كان مقام تخويف ووعيد (منها) أي: من أجلها، ويصح أن تكون لابتداء الغاية.
(القلوب) مر الكلام على القلب في شرح (السادس) (?).
(وذرفت) بالمعجمة وفتح الراء؛ أي: سالت (منها) فيها ما مر (العيون) أي: دموعها، وأخَّر هذا عما قبله؛ لأنه إنما ينشأ غالبًا عنه، وفيه أنه ينبغي للعالم أن يَعِظَ أصحابه، ويذكرهم، ويخوفهم بما ينفعهم في دينهم ودنياهم، ولا يقتصر لهم على مجرد معرفة الأحكام والحدود والرسوم (?)، وأنه ينبغي المبالغة في الموعظة؛ لترقيق القلوب، فيكون أسرع إلى الإجابة؛ قال تعالى: {وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا}، وقال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}.
ومن ثم (كان صلى اللَّه عليه وسلم إذا خطب وذكر الساعة. . اشتدَّ غضبه، وعلا صوته، واحمرَّت عيناه، وانتفخت أوداجه كأنه منذر جيشٍ يقول: صبَّحكم مسَّاكم) (?).
وإنما طُلبت بلاغة الخطبة؛ لأنها أقرب إلى قبول القلوب واستجلابها؛ إذ البلاغة