كلٌّ محتملٌ، لكن قضية الرواية الآتية المقتصرة على الأولى: الأول، ومقتضى العطف بواو الجمع هنا: الثاني، وعليه فالفعل إن وجد فيه الأمران كالزنا والربا. . فهو إثمٌ قطعًا، وإن انتفيا عنه فبِرٌّ قطعًا؛ كالعبادة، ونحو الأكل (?).
وإن وجد فيه أحدهما. . احتمل البر والإثم فيكون من المشتبه، على حد ما مر في خبر: "الحلال بينٌ، والحرام بينٌ، وبينهما مشتبهات. . . " الحديث (?)، والذي يتجه: أنهما متلازمان؛ لأن تردد النفس (?) يستلزم كراهة اطلاع الناس وعكسه.
وقضية عموم الحديث: أن مجرد خطورِ المعصيةِ والهمِّ بها إثمٌ؛ لوجود العلامتين فيه، لكنه مخصوصٌ بغير ذلك؛ لخبر: "إن اللَّه تجاوز لأمتي عمَّا وسوست به نفوسها ما لم تعمل به أو تَكَلَّم" (?).
بل ربما يثاب نظير ما قيل له صلى اللَّه عليه وسلم: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن ينطق به، فقال: "ذاك صريح الإيمان" (?) فكذلك من همَّ بزنًا مثلًا وحاك في نفسه، فنفرت منه لضربٍ من التقوى. . أُثيب على ذلك؛ لأنه حينئذٍ يصير من باب قوله تعالى في الحديث القدسي: "اكتبوها له حسنة؛ إنما تركها من أجلي" (?).
أما العزم. . فهو إثمٌ؛ لوجود العلامتين فيه ولا مخصص يخرجه من عموم الحديث، بل خبر: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما. . فالقاتل والمقتول في النار" قيل: يا رسول اللَّه؛ هذا القاتل، فما بال المقتول؟! قال: "إنه كان حريصًا على قتل صاحبه" (?). . ظاهرٌ في ذلك؛ إذ ذلك الحرص المعلل الدخول به وحده مع قطع النظر عن الفعل المقترن به عزمٌ مجرَّد.
(رواه مسلم) وهو من جوامع كلمه صلى اللَّه عليه وسلم، بل من أوجزها؛ إذ