(والإثم) (?) أي: (الذنب حرَّاز القلوب) كما في رواية (?)، وهو بتشديد الزاي بمعنى قوله في هذه الرواية: (ما حاك) أي: رسخ وأثَّر (في النفس) (?) اضطرابًا وقلقًا ونفورًا وكراهة؛ لعدم طمأنينتها إليه، ومن ثم لم ترض بالاطلاع عليه، كما قال صلى اللَّه عليه وسلم: (وكرهت أن يطلع عليه الناس) أي: وجوههم وأماثلهم الذين يستحيى منهم، وقولُ بعضهم: هذا ليس بشيءٍ وحملُه على العموم أولى. . هو الذي ليس بشيء.
والمراد بالكراهة هنا: الدينية الخارمة (?)، فخرجت العادية؛ كمن يكره أن يُرى آكلًا لحياءٍ أو بخلٍ، وغير الخارمة؛ كمن يكره أن يركب بين مشاةٍ لتواضعٍ أو نحوه؛ فإنه لو رئي كذلك. . لم يبال.
وقد استفيد من هذا السياق أن للإثم علامتين، وسببهما: أن النفس لها -كما يأتي التصريح به في رواية- شعور من أصل الفطرة بما تحمد عاقبته وما لا تحمد عاقبته، ولكن غلبت عليها الشهوة حتى أوجبت لها الإقدام على ما يضرها، كما غلبت على السارق والزاني مثلًا فأوجبت لهما الحد، إذا عرفت ذلك. . اتضح لك وجه كون التأثير في النفس علامة للإثم؛ لأنه لا يصدر إلا لشعورها بسوء عاقبته.
ووجه كون كراهة اطلاع الناس على الشيء يدل على أنه إثمٌ: لأن النفس بطبعها تحب اطلاع الناس على خيرها وبرها، وتكره ضد ذلك، ومن ثم أهلك الرياء أكثر الناس، فبكراهتها اطلاع الناس على فعلها يعلم أنه شرٌّ وإثمٌ.
ثم هل هاتان العلامتان كلٌّ منهما مستقلٌّ بكونه علامة على الإثم من غير احتياجٍ إلى الأخرى، أو غير مستقلٍّ بذلك، بل هو جزء علامة، والعلامة الحقيقية مركبةٌ منهما؟