(وتميط) بضم أوله (?)؛ أي: تنحي (الأذى) أي: ما يؤذي المارَّة من نحو حَجَرٍ أو شوكٍ أو نجسٍ (عن الطريق) يؤنث ويذكر (صدقة) على المسلمين، وأخرت هذه؛ لأنها أدون مما قبلها، كما يشير إليه خبر: "الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها: شهادة أن لا إله إلا اللَّه، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق" قيل: وتسن كلمة التوحيد عند إماطته؛ ليجمع بين أعلى الإيمان وأدناه.
وحملُ الأذى على أذى المظالم ونحوها، والطريقِ على طريقه تعالى وهو شرعه وأحكامه. . تكلفٌ بعيدٌ، بل رواية: "وأدناها" المذكورة صريحةٌ في ردِّه؛ لأن الإماطة بهذا المعنى من أفضل الشعب لا من أدناها.
ثم شرطُ الثواب على هذه الأعمال خلوصُ النية فيها وفعلها للَّه تعالى وحده كما دلَّ عليه حديث "صحيح ابن حبان" فإنه صلى اللَّه عليه وسلم ذكر فيه خصالًا؛ كالتصدقِ، وقولِ المعروف، وإعانةِ الضعيف، وتركِ الأذى، ثم قال: "والذي نفسي بيده؛ ما من عبدٍ يعمل بخصلةٍ منها يريد بها ما عند اللَّه إلا أخذت بيده يوم القيامة حتى يدخل الجنة" (?) وهو مستمدٌ من قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}.
وبهذا يرد ما روي عن الحسن وابن سيرين: (أن فعل المعروف يؤجر عليه وإن لم تكن فيه نية)، بل روى حميد بن زنجويه عن الحسن: (أن من أعطى آخرَ شيئًا حياءً منه له فيه أجر) (?)، وأبو نعيم في "الحلية" عن ابن سيرين: (أن من تبع جنازةً حياءً من أهلها له أجر؛ لصلته الحي) (?).
(رواه البخاري ومسلم) وفي بعض طرق مسلم: "يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحةٍ صدقة، وكل تحميدةٍ صدقة، وكل تهليلةٍ صدقة، وكل تكبيرةٍ صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك