ظاهرةٌ على أن المراد بها في حقه تعالى غير حقيقتها وما يتبادر منها.

وأيضًا: ففي إطلاقها عليه تعالى إيهامُ شمول قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} لذلك، تعالى اللَّه عن ذلك علوًا كبيرًا.

ولقد بالغ بعض العلماء فجعل: {وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} راجعًا لعيسى صلى اللَّه على نبينا وعليه وسلم، والأصل: ولا أعلم ما فيها، ثم أوقع الظاهر موقعَ المضمر، فصار معناه: ولا أعلم ما في مخلوقتك. اهـ، وهو وإن كان فيه تكلُّفٌ إلا أنه مُؤَيِّدٌ لما ذكرته، فتأمل ذلك؛ فإنه مهمٌّ كان لم أَرَ من عرَّج عليه.

(وجعلته بينكم محرمًا) أي؛ حكمت بتحريمه عليكم، وهذا مجمعٌ عليه في كل ملةٍ؛ لاتفاق سائر الملل على مراعاة حفظ الأنفس، فالأنساب، فالأعراض، فالعقول، فالأموال، والظلم قد يقع في هذه أو بعضها، وأعلاه الشرك؛ قال تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} وهو المراد بالظلم في أكثر الآيات؛ قال تعالى: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.

ثم تليه المعاصي على اختلاف أنواعها، وروى الشيخان: "الظلم ظلماتٌ يوم القيامة" (?)، ورويا أيضًا: "إن اللَّه ليملي للظالم حتى إذا أخذه. . لم يفلته" ثم قرأ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ} (?).

وروى البخاري: "من كانت عنده مظلمةٌ لأخيه (?). . فليتحلَّله منها؛ فإنه ليس ثَمَّ دينارٌ ولا درهمٌ من، قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسناتٌ. . أُخذ من سيئات أخيه، فطُرحت عليه" (?).

(فلا تظالموا) بتشديد الظاء كما روي، والأشهر: تخفيفها، وأصله: تتظالموا، أُدغم أحد المثلين في الآخر، أو حذف؛ أي: لا يظلمْ بعضكم بعضًا (?)؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015