(عن أبي ذر رضي اللَّه) تعالى (عنه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم فيما يرويه) أي: روينا عنه أنه روى عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم ما يأتي حال كونه مندرجًا في جملة الأحاديث القدسية؛ وهي التي يرويها (عن ربه أنه) تعالى (قال: يا عبادي) هو كعبيد، وعُبْدان بضم أوله وكسره، وتخفيف الباء، وعِبِدَّان بكسر أوَّلَيْه وتشديد ثالثه، وعِبِدَّاء بمد وقصرٍ، ومَعْبوداء، وعُبُد كسُقُف، وأعابد، ومعبدة جمع لـ (عبد).
وهو هنا وفيما يأتي وفي نظائر ذلك يتناول الأحرار والأرقَّاء من الذكور، وكذا من النساء إجماعًا، لكن لا وضعًا، بل بقرينة التكليف، وقد قال الأصوليون: إن خص الخطابُ الذكورَ كالرجال أو الإناث كالنساء. . فواضح، وإلَّا كـ (مَنْ، والأناسي، والناس). . يتناولهما، وفي نحو المسلمين والمؤمنين خلافٌ، والأشبه: أنه لا يتناول النساء وضعًا، بل بقرينةٍ أو عُرفٍ.
(إني حرمت) من التحريم؛ وهو لغةً: المنع، فسمَّى تعالى تَقَدُّسَه عن الظلم تحريمًا؛ لمشابهته الممنوع في تحقق العلم.
(الظلم) وهو لغةً: وضع الشي في غير محلِّه (على نفسي) أي: تعاليتُ عنه وتقدستُ؛ لاستحالته عليه تعالى؛ إذ هو: التصرُّف في حق الغير بغير حقٌّ، أو مجاوزةُ الحد، وكلاهما محالٌ؛ إذ لا ملك ولا حق لأحدٍ معه، بل هو الذي خلق المالكين وأملاكهم، وتفضَّل عليهم بها، وحدَّ لهم الحدود، وحرَّم وأحلَّ، فلا حاكم يتعقَّبه، ولا حق يترتب عليه، تعالى عن ذلك علوًا كبيرًا.
وما ذكر من استحالة الظلم عليه تعالى هو قول الجمهور، وقيل: بل هو متصوَّر منه (?)، لكنه لا يفعله عدلًا منه، وتنزُّهًا عنه؛ لأنه تعالى تمدَّح بنفيه في قوله تعالى: {وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} أي: ظالم، والحكيم لا يتمدَّح إلا بما يصح منه، ألا ترى أن أعمًى لو تمدَّح بأنه ألا ينظر للمحرمات. . استُهزئ به؟!
وأيضًا: قوله "حرمت الظلم على نفسي" حقيقته: أني منعتُ نفسي منه،