(والصدقة) أي: الزكاة كما في رواية ابن حبان (?)، ويصح بقاؤها على عمومها حتى تشمل سائر القُرَب المالية واجبها ومندوبها.
(برهانٌ) هو لغةً: الشعاع الذي يلي وجه الشمس، ومنه خبر: "إن روح المؤمن تخرج من جسده ولها برهانٌ كبرهان الشمس" (?) ومنه سُميت الحجَّةُ القاطعة برهانًا؛ لوضوح دلالتها.
واصطلاحًا: الدليل والمرشد، فهي يُفزَع إليها كما يُفزَع إلى البراهين؛ لأنه إذا سُئل يوم القيامة عن مصرف ماله فأجاب بـ (تصدقتُ). . كانت صدقاته براهين على صدق جوابه.
ويجوز أن يوسم المتصدق بسيما يُعرف بها، فتكون برهانًا له على حاله، ولا يسأل عن مصرف ماله، أو هي حجةٌ ودليل على إيمان المتصدِّق؛ لأن المنافق يمتنع منها لكونه لا يعتقدها، فمن تصدَّق. . استُدِل بصدقته على صدق إيمانه، وعلى صحَّة محبته لمولاه، ولِمَا لديه من الثواب لبذله محبوبَهُ بالجِبلَّة والطبع رجاءَ ثوابه، فلولا صحة إيمانه. . لما بذل عاجلًا لآجلٍ، ومن ثَمَّ مدحه اللَّه تعالى بقوله: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ}، {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ}، وقيل: الضمير للَّه.
والأحاديث في فضل الصدقة أكثر من أن تحصر، وقد استوفيتُ منها جملةً مستكثرةً في كتابي الذي قدمت ذكره في (الخامس عشر) (?) وفيها أيضًا آياتٌ كثيرةٌ، نحو آية: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ}، {إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ}، {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا}، {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ}، {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ}، {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ}.