بتكلُّفٍ، وهو -أعني المضموم كالطهارة، مصدران (?) - من (طهَر) بفتح هائه وضمها (يطهُر) بضمها لا غير، لغةً: التنزُّه عن الدنس الحسي والمعنوي، وشرعًا: فعل ما يترتب عليه زوال حدثٍ؛ كالغسلة الأولى في الوضوء والغسل، أو ثواب مجرد؛ كالغسلة الثانية والوضوء والغسل المسنونين.

(شطر) أي: نصف (الإيمان) الكامل بالمعنى الأعم، المتركب من ثلاثة أجزاء: تصديق القلب، وإقرار اللسان، وعمل الأركان، وهو وإن كثرت خصاله وتعدَّدتْ أحكامه لكنها منحصرةٌ فيما ينبغي التنزُّه والتطهر عنه، وهو كل منهيٍّ عنه، وما ينبغي التلبس به، وهو كل مأمورٍ به، فهو شطران، والطهارة بالمعنى اللغوي الذي قررناه شاملةٌ لجميع الشطر الأول، فاتضح كون الطهور المرادف للطهارة شطرَ الإيمان، فهو نظير خبر: "الإيمان نصفان: نصف شكر، ونصف صبر" (?).

فإن قلت: هذا كله إنما يأتي بالنظر للمضموم كما تقرر، والضم لم يروه أحدٌ، وإنما المروي الفتح كما قاله القرطبي (?)، وهو إما للمبالغة أو الآلة، وعليهما فتشكل الشطرية.

قلت: هذا النفي ممنوعٌ؛ كيف والضم هو المختار وقول الأكثرين كما قاله المصنف رحمه اللَّه تعالى؟! (?) وغاية ما فيه: أنهم جوزوا الفتح، فإما أن يكون المفتوح مصدرًا أيضًا كالمضموم، وهو رأي الخليل، وإما ألَّا يكون بمعناه، وهو الأصح، فيحمل على المضموم ويراد به: استعمالُ الطهور شطر الإيمان، فعلى كلٍّ لا تخالف هنا بين المفتوح والمضموم بالمعنى الذي قررناه.

وأما حمل المصنف الطهور على معناه الشرعي وهو الوضوء. . فنظر فيه من وجهين (?):

طور بواسطة نورين ميديا © 2015