حقيقة الصدق) (?)؛ ولعزتها أخبر صلى اللَّه عليه وسلم أن الناس لن يطيقوها، فقد أخرج أحمد: "استقيموا ولن تطيقوا" (?).
(رواه مسلم) وهو من بدائع جوامع الكلم التي اختصَّه اللَّه تعالى بها؛ فإنه صلى اللَّه عليه وسلم جمع لهذا السائل في هاتين الكلمتين جميع معاني الإيمان والإسلام اعتقادًا وقولًا وعملًا، كما أشرنا إلى ذلك كله في تقريرهما.
وحاصله: أن الإسلام توحيدٌ وطاعةٌ، فالتوحيد حاصلٌ بالجملة الأولى، والطاعة بجميع أنواعها في ضمن الجملة الثانية؛ إذ الاستقامة: امتثال كل مأمورٍ، واجتناب كل منهيٍّ، ومن ثَمَّ قال ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما في قوله سبحانه وتعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ}: (ما نزل على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في جميع القرآن آيةٌ كانت أشدَّ ولا أشقَّ عليه من هذه الآية) (?) ولذلك قال صلى اللَّه عليه وسلم لأصحابه جمن قالوا له: قد أسرع إليك الشيب: "شيبتني هود وأخواتها" (?)، وأخرج ابن أبي حاتم: لما نزلت هذه الآية. . (شمر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فما رُئي ضاحكًا) (?).
وزاد الترمذي في هذا الحديث زيادةً مهمةً وقال: حسن صحيح، وهي: قلت: يا رسول اللَّه؛ ما أخوف ما تخاف عليَّ؟ فأخذ بلسان نفسه وقال: "هذا" (?) أي: تنبيهًا على أنَّ أعظمَ ما يُراعى استقامته بعد القلب من الجوارح اللسانُ؛ فإنه ترجمان القلب، والمعبر به، ومن ثم أخرج أحمد: "لا يستقيم إيمان عبدٍ حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه" (?).
* * *