شهود ألوهيته وتربيته لهم، ثم استقاموا واعتدلوا على ذلك وعلى طاعته عقدًا وقولًا وفعلًا، وداموا على ذلك إلى أن يتوفَّاهم عليه.
ويؤيد ذلك قول عمر رضي اللَّه عنه: (استقاموا واللَّه على طاعته ولم يروغوا روغان الثعالب) (?)، وقول أبي بكر رضي اللَّه تعالى عنه: (لم يشركوا باللَّه شيئًا (?)، ولم يلتفتوا إلى إلهٍ غيره) (?)، أو: استقاموا على أن اللَّه ربهم.
وقال ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما: (استقاموا على شهادة أن لا إله إلا اللَّه) (?) وكذا قاله جماعة آخرون.
والمراد بذلك كله (?): الاستقامة على التوحيد الكامل، وهو مستلزمٌ للتحقق بجميع ما قلناه أولًا، ويؤيده: أنه جاء عن أبي بكر رضي اللَّه تعالى عنه أنه فسَّرها أيضًا: بأنهم لم يلتفتوا إلى غير اللَّه تعالى، وهذا هو غاية الاستقامة ونهايتها.
وجاء في حديثٍ آخر: "أيها الناس؛ إنكم لن تعملوا ولن تطيقوا كل ما أمرتكم به، ولكن سددوا وأبشروا" (?) والسداد: هو الإصابة في الأقوال والأعمال والمقاصد، والإصابة في جميعها هي الاستقامة، فلو فعلوا ذلك. . لكانوا فعلوا ما أُمروا به كله، فالاستقامة هي الدرجة القصوى التي بها كمال المعارف والأحوال، وصفاء القلوب في الأعمال، وتنزيه العقائد عن سفاسف البدع والضلال (?).
ومن ثَمَّ قال الأستاذ أبو القاسم القشيري: (من لم يكن مستقيمًا في حاله. . ضاع سعيه، وخاب جده) (?). ونقل: (أنه لا يطيقها إلا الأكابر؛ لأنها الخروج عن المألوفات، ومفارقة الرسوم والعادات، والقيام بين يدي اللَّه سبحانه وتعالى على