يُسْرًا}، ومن ثم ورد عن جمعٍ من الصحابة وعنه صلى اللَّه عليه وسلم: "لن يغلب عسرٌ يسرين" (?) أي: لأن النكرة إذا أُعيدت. . كانت غير الأُولى، والمعرفة إذا أُعيدت. . كانت عين الأُولى غالبًا فيهما، وفهم بعضهم أن الآية من غير الغالب، أو نظر إلى مقابل الأصح الذي تقرر (?)، فقال: هما عسران أيضًا: عسر الدنيا ومعه يسر، وعسر الآخرة ومعه يسر، وأخرج البزار وابن أبي حاتم واللفظ له: "لو جاء العسر فدخل هذا الحجر. . لجاء اليسر حتى يدخل عليه فيخرجه" فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية (?).
ولا ينافي وقوع العسر لنا كما صرحت به هذه الآية عدمَ وقوعه كما صرح به قوله تعالى في آية الصيام: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} لاختلاف المراد بالعسرين، فالمثبت هو العسر في العوارض الدنيوية التي تطرق العبد مما لا يلائم النفس؛ كضيق الأرزاق، وتوالي المحن والفتن، وأخذ الأموال ظلمًا وجورًا، والمنفي هو العسر بالتكليف بالأحكام الشاقة؛ كما قال سبحانه وتعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}.
وما تقرر في (مع) في محالِّها الثلاثة من أنها على بابها. . هو الظاهر؛ إذ أواخر أوقات الصبر والكرب والعسر هي أول أوقات النصر والفرج واليسر، فقد تحققت المقارنة بينهما، وتكلَّف بعضهم فقال: إن نظرنا إلى العلم الأزلي. . كانت (مع) على أصلها؛ لاقتران النصر والصبر مثلًا في تعلُّق العلم الأزلي بهما؛ لاستحالة تعلقه بأحدهما قبل الآخر؛ لأنه لا ترتُّب فيه، لكنه يتعلق بان أحدهما سيقع بعد الآخر، وإن نظرنا إلى الوجود الحقيقي؛ يعني وقوع النصر والصبر مثلًا. . كانت (مع) بمعنى (بعد) لأن بينهما تضادًا أو نحوه، فلا تتصور المقارنة بينهما. اهـ