قال سفيان الثوري: (سُمُّوا بذلك؛ لأنهم اتقوا ما لا يُتقى) (?)، وهو معنى قول الحسن: (ما زالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيرًا من الحلال مخافة الحرام) (?).

وقول أبي الدرداء رضي اللَّه تعالى عنه: (تمام التقوى أن العبد يتقي اللَّه حتى يتقيه من مثقال ذرة، وحتى يترك بعض ما يرى أنه حلالٌ خشيةَ أن يكون حرامًا) (?).

وليكون حجابًا بينه وبين الحرام، وأصل ذلك كله: حديث: "لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرًا مما به بأس" (?)، وحديث: "من اتقى الشبهات. . استبرأ لدينه وعرضه" (?).

وبغاية ذلك كله القصوى وهي محبة اللَّه تعالى (?)، وموالاته، وانتفاء الخوف والحزن، وحصول البشارة في الدنيا والآخرة والفوز العظيم: {اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}، {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} ولو لم يكن في التقوى سوى هذه الخصلة. . لكفت عما عداها.

ثم حقيقتها متوقفة على العلم؛ إذ الجاهل لا يعلم كيف يتقي، لا من جانب الأمر، ولا من جانب النهي، وبهذا تظهر فضيلة العلم، وتميزه على سائر العبادات، والأحوال والمقامات؛ لتوقفها جميعها عليه، ومن ثم قال صلى اللَّه عليه وسلم: "ما عُبدَ اللَّهُ بشيءٍ أفضل من فقهٍ في دين" (?)، وقال: "من يرُدِ اللَّه به خيرًا. . يفقهه في الدين، ويلهمه رشده" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015