وطئ بهيمةً، وشارب الخمر في المرة الرابعة، وغير ذلك. . لا يرد علينا (?)؛ لأنهم استندوا في ذلك إلى ما لا تقوم به الحجة من حديثٍ ضعيفٍ، أو منسوخٍ، أو محمولٍ على المُستحِلِّ، بدلائل أخر مقررة في محلها.

و (لام) "لدينه" وما بعده مزيدة للتأكيد والتقوية؛ لِتعدي (تَرَكَ) و (فَارَقَ) ونحو اسم فاعلهما إلى المفعول بلا واسطة، واستثناء الأولين من المسلم ظاهرٌ؛ لأنهما حيث لم يستحلا. . لا ينافيان الإسلام، واستثناء الثالث المزيل للإسلام منه إنما هو باعتبار أنه كان مسلمًا قبلُ، ففيه الجمع بين حقيقته ومجازه، وهو جائز، وقُبلت توبته -خلافًا لجمع- دونهما؛ لأن قتلهما بجريمةٍ مضت، فلا يمكن تلافيها بخلافه؛ فإنه لوصفٍ قائمٍ به حالًا، وهو تركه لدينه، فَبِعَوْدِه إليه انتفى ذلك الوصف.

(رواه البخاري ومسلم) وهو من القواعد الخطيرة؛ لتعلُّقه بأخطر الأشياء، وهو الدماء، وبيان ما يحلُّ منها وما لا يحل، وأن الأصل فيها: العصمة، وهو كذلك عقلًا؛ لأنه مجبولٌ على محبة بقاء الصور الإنسانية المخلوقة في أحسن تقويم، وشرعًا وهو ظاهرٌ ولو لم يكن من وعيد القاتل إلا قوله صلى اللَّه عليه وسلم: "من أعان على قتل مسلمٍ بشطر كلمةٍ. . لقي اللَّه تعالى مكتوبًا بين عينيه: آيسٌ من رحمة اللَّه" (?).

وقد أجمع المسلمون على القتل بكل واحدةٍ من هذه الخصال الثلاثة، ومر في خبر: "أُمرت أن أقاتل الناس. . . " أن هذا الحديث ميينٌ لحق الإسلام المذكور فيه (?)؛ لأن العصمة الثابتة لمن نطق بالشهادتين إنما تُراعى ما دامت لم تُهتك، وهتكها إنما يتحقَّق بأحد هذه الثلاثة المذكورة في هذا الحديث، ومر في شرح ذلك الحديث بيانُ دلالته على قتل تارك الصلاة كسلًا، ومر قريبًا أن القسم الثالث هنا يشمله وإن لم نقل بكفره، وهو ما عليه أكثر العلماء، فاندفع زعم أن هذا الحديث يفيد عدم قتله، وقال أقلهم بكفره، وأطال إسحاق في الانتصار له وإيرادِ الأدلة عليه بما يرده: أنها جميعها محمولةٌ على المستحِل؛ جمعًا بين الأحاديث.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015