في الحديث إشارة إلى أن الشيء إما أن يعني الإنسان أو لا، وعلى كلٍّ إما أن يتركه أو يفعله، فالأقسام أربعة: فعل ما يعني، وترك ما لا يعني، وهما حسنان، وترك ما يعني، وفعل ما لا يعني، وهما قبيحان.
(حديث حسن) بل أشار ابن عبد البر إلى أنه صحيح (رواه الترمذي وغيره) كابن ماجه (?) (هكذا) أي: موصولًا، ولا ينافيه رواية مالك له في "الموطأ" عن الزهري مرسلًا (?)؛ لأن للزهري فيه إسنادين، أحدهما مرسل، وهو ما رواه مالك، والآخر موصولٌ وصله عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وهو ما رواه الترمذي وغيره، والاتصال مقدَّمٌ على الإرسال، وبذلك يجاب عن قول أحمد والبخاري وابن معين والدارقطني: لا يصح إلا مرسلًا، على أن له طرقًا مرفوعة إذا اجتمعت. . أحدثت له قوة، ولعل هذا من أسباب تحسين المصنف له وإن ضعَّفه قومٌ ووثَّقه آخرون، ومن ثَمَّ قال ابن عبد البر: رواته ثقات.
وهذا الحديث ربع الإسلام على ما قاله أبو داوود.
وأقول: بل هو نصف الإسلام، بل هو الإسلام كله؛ لأنه لا يخلو عن فعل ما يعني، وترك ما لا يعني، فإن نظرنا لمنطوقه المصرح بالثاني. . كان نصفًا، وبهذا الاعتبار دخلت (من) التبعيضية في (مِنْ حُسْنِ) إشارةً إلى أن ترك ما لا يعني ليس هو الحسن كله، بل بعضه؛ أي: نصفه كما تقرر، وإن نظرنا لمفهومه أيضًا. . كان كلًّا. فتأمل ذلك؛ فإنه حسنٌ بالغ، وإن لم أَرَ من صرَّح به.
ولجمعه جميع الإسلام كما قررته مع وجازة لفظه كان من بدائع جوامع كلمه صلى اللَّه عليه وسلم التي لم يصح نظيرها عن أحدٍ قبله صلى اللَّه عليه وسلم، وهو أصلٌ كبيرٌ في تأديب النفس وتهذيبها عن الرذائل والنقائص، وترك ما لا جدوى فيه ولا نفع.