الحلال البيِّن؛ لما مرَّ في (الحديث السادس): أن من اتَّقى الشُّبهات. . فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومر الكلام على ذلك بما هو شرحٌ لهذا أيضًا؛ لرجوعهما إلى شيءٍ واحد، وهو النهي التنزيهيُّ عن الوقوع في الشبهات.
ومن ثم قيل: إنه يجب اجتنابها، وفصَّل آخرون فقالوا: تلحق الشبهة المحتملة الفاحشة بالحرام، بخلاف غيرها، فبيع نحو العِينة مشتبةٌ؛ لأنه حيلةٌ للربا، وهي فيه نافعةٌ عند قومٍ، وغير نافعة عند آخرين، فإن اللَّه تعالى لا تخفى عليه خافية، والأعمال بالنيات، وعليه قال بعضهم: نعم، إن اطلع اللَّه تعالى على نية فاعل ذلك أنها بريئةٌ من الحيلة، وأن قلبه لم ينطوِ على محرَّمٍ. . لم يعاقب، لكنه لم يستبرئ لدينه ولا لعرضه؛ لأنه يُظَنُّ به الربا، وتسوء فيه الظنون، فيطلب منه دفع هذا المريب إلى ما لا يريب.
وورد: "لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يترك ما لا بأس به مخافة ما به بأس" (?).
وقال أبو ذرٍّ رضي اللَّه تعالى عنه: (تمام التقوى: ترك بعض الحلال خوفًا أن يكون حرامًا) (?).
وقيل لابن أدهم رضي اللَّه تعالى عنه: ألا تشرب من ماء زمزم؟ فقال: (لو كان لي دلوٌ. . لشربت) (?) إشارة إلى أن الدلو من مال السلطان، وهو مشتبه.
ومر أنه صلى اللَّه عليه وسلم قال لمن أخبرته امرأة سوداء أنها أرضعته وزوجتَهُ: "كيف وقد قيل؟! " فطلقها ورعًا (?)، ولسودة: "احتجبي منه" (?) أي: من أخيها الملحق بأبيها شرعًا؛ لكونه فيه شَبَهٌ بيِّن بغيره، فلم تره ولم يرها ورعًا أيضًا، فعلم أن