وفي رواية ابن إسحاق: وجدت هرةً فحملتها في كمي، فقيل لي: ما هذه؟ فقلت: هرة، فقيل لي: فأنت أبو هريرة (?)، ورجَّح بعضهم الأول.
وقيل: كان يلعب بها وهو صغير، وقيل: كان يحسن إليها، وقيل: المكني له بذلك والده.
واختُلف في اسمه واسم أبيه على خمسةٍ وثلاثين قولًا، أصحها -كما قاله المصنف-: ما ذكره هنا بقوله: (عبد الرحمن) روى ابن إسحاق عنه: أنه أُبدل به في الإسلام عن عبد شمس اسمه في الجاهلية (ابن صخر رضي اللَّه عنه) الدوسي.
أسلم عام خيبر، وشهدها مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، ثم لازمه الملازمة التامة رغبةً في العلم، راضيًا بشبع بطنه، وكان يدور معه حيثما دار، ومن ثَمَّ كان أحفظَ الصحابة رضي اللَّه تعالى عنهم، وقد شهد له رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه حريصٌ على العلم والحديث، وقال: قلت: يا رسول اللَّه؛ إني سمعتُ منك حديثًا كثيرًا، وإني أخشى أن أنساه، فقال: "ابسط رداءك" فبسطته، فضرب بيده فيه ثم قال: "ضمه" فضممتُه، فما نسيتُ شيئًا بعده (?).
قال البخاري: روى عنه أكثرُ من ثمان مئة ما بين صحابيٍّ وتابعيٍّ.
استعمله عمر على البحرين، ثم عزله، ثم راوده على العمل فأبى، ولم يزل يسكن المدينة، وبها توفي سنة سبعٍ أو ثمانٍ أو تسع وخمسين عن ثمانٍ وسبعين سنة، ودُفن بالبقيع، وما اشتُهر أن قبره بقرب عسقلان لا أصل له، وإنما ذاك صحابيٌّ آخر اسمه جَنْدرة.
روي له خمسة آلافٍ وثلاثُ مئةِ حديثٍ وأربعةٌ وسبعون حديثًا، اتفقا منها على ثلاث مئةٍ وخمسةٍ وعشرين، وانفرد البخاريُّ بثلاثةٍ وتسعين، ومسلمٌ بمئةٍ وتسعين.
(قال: سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول: ما نهيتكم) هذا الخطاب ونحوه يختص لغةً بالموجودين عند نزوله، وشموله لمن بعدهم؛ لما هو معلومٌ من الدين بالضرورة أن هذه الشريعة عامةٌ إلى يوم القيامة.